كتبت في عدة مقالات ودراسات حول استمرار الانقسامات السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تظهر هذه الانقسامات بين اليمين واليسار. وتتجلى في الصراع بين الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»، وقد يكون لهذه الانقسامات تأثير سلبي على مصداقية الولايات المتحدة في الساحة الدولية، وقد يشكل تهديداً للوحدة الوطنية. ورغم أن بعض القراء قد يرون هذه الفكرة مبالغاً فيها وبعيدة المنال، إلا أن الأحداث الأخيرة المتسارعة المتعلقة بالأزمة على الحدود الجنوبية لأميركا تسلط الضوء على وجود مؤشرات تدعم هذا الاحتمال.تشهد الأزمة على الحدود الجنوبية لأميركا تصاعداً، حيث يتخذ حاكم ولاية تكساس، «غريغ أبوت»، موقفاً حازماً ضد إهمال الحكومة الفيدرالية.
فقد سجلت الجمارك وحماية الحدود الأميركية أكثر من 2.4 مليون مواجهة حدودية واعتقال 169 فرداً من قائمة مراقبة الإرهابيين في السنة المالية 2023، مما يرفع الأمر إلى مستوى تهديد أمني قومي. وتنتقد ولاية تكساس، بدعم من قرار المحكمة الفيدرالية، إدارة بايدن لتقاعسها في تطبيق قوانين الهجرة. وفي سياق تصاعد الأزمة، أقرت المحكمة العليا تعديلاً يسمح للحكومة بضرورة تعديل الأسلاك الشائكة على الحدود في حالات الطوارئ الطبية.
وبغية حل الخلاف، أصدرت المحكمة أمراً، بتصويت 5-4، يُبطل الأمر الزجري خلال فترة الاستئناف، من دون اتخاذ قرار ضد موضوع الحجج التي أثارها مسؤولو تكساس. كما يبرز تفاقم الأزمة حاجة الحكومة لتبني التشريع الذي صدر بموافقة مجلس النواب، ولكن توقف في مجلس الشيوخ، والذي يقيد حقوق طالبي اللجوء ويفرض استخدام نظام التحقق الإلكتروني على أرباب العمل للتأكد من سلامة الإجراءات القانونية لموظفيهم. ونظراً لعدم اتخاذ المحكمة قراراً ضد حجج مسؤولي تكساس، قامت قوات حرس الحدود الفيدرالية بإزالة الأسلاك الشائكة التي نصبها المسؤولون في تكساس على الحدود.
وفي المقابل، رفض حاكم الولاية، غريغ أبوت، هذا الحكم وأمر بتواصل الحرس الوطني في تكساس حماية حدود الولاية. وقد اعتبرت إدارة بايدن الإجراءات غير آمنة، ومع تسارع الأحداث، أعلنت 25 ولاية جمهورية في 25 يناير دعمها لحاكم تكساس وحقها في الدفاع عن نفسها. الكثير من الولايات المؤيدة لتكساس تقول إن «العديد في واشنطن يدعون لإرسال مليارات الدولارات إلى أوكرانيا وإسرائيل لتأمين حدودهم من أولئك الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بهم. ومن المفارقات أن العديد منهم يعارضون اتخاذ إجراءات دراماتيكية مماثلة لتأمين حدودنا من أولئك الذين يرغبون في فعل نفس الشيء هنا في الوطن».
وبالتالي، توفير حلول لهذه الأزمات، يكمن في اتباع سياسات وسط بين «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»، خاصة ما يتعلق بقضايا الهجرة والمسائل الأخرى. كما يجب تجنب الترويج لما يُعرف بأيديولوجية «الاستيقاظ» اليسارية، والتي تعتبرها الغالبية العظمى بمثابة مصدر للاشمئزاز، حيث إن، اعتمادها قد يؤدي بالضرورة إلى تصاعد التطرف في الجهة المقابلة، مما يهدد بالتفكك على المدى البعيد.