في خبر مغسول بالسعادة مضمخ بشذى الرؤية وعبيرها أعلنت موهبة ترشيح 45 مشروعاً علمياً لتمثيل السعودية في آيسف 2024 بعد فوزها في «الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي»، الذي شارك به أكثر من 210 آلاف طالب وطالبة من المدن السعودية، ويعد معرض «ريجينيرن» الدولي للعلوم والهندسة (آيسف)، الذي يقام في أمريكا أكبر مسابقة عالمية في مجال البحث العلمي والابتكار للمرحلة ما قبل الجامعية، ويستقطب قرابة 1800 طالب وطالبة من أكثر من 70 دولة.

بدأت رحلة طلابنا بالتسجيل الإلكتروني للمشروعات لأكثر من 210 آلاف طالب وطالبة، ثم لجان التحكيم التي اختارت 390 مشروعاً في ثلاثة معارض في جدة والرياض والمنطقة الشرقية، اختِير منها 45 مشروعاً ستشارك في معرض «ريجينيرن» الدولي للعلوم والهندسة آيسف 2024.

وأنا أقرأ هذه التفاصيل المفرحة تداعت إلى خاطري تلك الأيام المريرة بطعم العلقم والتي تسلّط فيها علينا شرذمة من الجهّال نصبوا فيها خيامهم في كل مكان وتسلّطوا علينا بأقوال وأفعال ليست من دين الله بل أيديولوجيات مستوردة، وأفكار غلت واشتطت وبدّعت وكفّرت وفق رؤيتها الأحادية، يتحدّثون بلسان غير الذي نعرف، ويديرون نشاطًا غير الذي عهدناه.

دخل علينا مدّعو «الصّحوة» من باب الدّين، وإنّه لباب عزير على النّفوس المجبولة على محبّة الإسلام ورسالته السمحة فأسلمت الأُسر أبناءها لمنادي «مخيمات الصّحوة» المفخخة، وما درت أنّها زجّت بهم في معاطن آسنة لقوم استهدفوا عقول الصّغار فاستبدلوها بألغام من غليظ القول، وناشز الفكر، وغالي الآراء.. فانفلت الأبناء من بين يديِّ الآباء، وتعالت أصواتهم بتكفير النّاس، والخروج على كلّ ذي سلطان، ولم يسلم من أذاهم وفجورهم صغير أو كبير، وعرف مجتمعنا سمتًا جديدًا للتديّن، وصورة مغايرة لرجال الدّين، وجوه مكفهرة وعبوس يحتقر الحياة، وادّعاء للدين بغير علم، وكأنّهم لم يمرّوا يومًا بالآية الكريمة المحدّدة لأسلوب الدعوة ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك، ولو أنّهم فقهوا السيرة النبوية لأدركوا أنّهم إنّما يديرون ظهروهم للدّين، وليسوا هم بمستقبليه، ناهيك أن يكونوا دعاة له..

كان مبتدأ الشرِّ في تلك المخيمات السوداء التي دعت إلى كره الحياة وتكفير الآخر ولعنه وتفسيق المخالف وتصوير المرأة أنها محور الشر وثقب الخطيئة أبدعوا في صناعة الموت وأن لا حياة إلا بالجهاد وقالوا بأصوات متهدجة ودموع تماسيح كاذبة بقصص من الخيال لم يشهدها من هم خير منهم.

كان مبلغ علمهم تكسير الآلات الموسيقية وتحريم سماعها وتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم وإعلان الحرب على الأهل والأقارب وقطيعة الرحم، هذا غير الكذب والتدليس على الله ورسوله وتحريم كل مباح، فغدت مخيماتهم «أوكارًا»، غلافها الدين زورًا، وجوفها الحقد ينمو، والكراهية تعشب، والغلظة تستطيل وتثمر.

حشو بالمنكرات من الأفكار، عقول أولادنا فعادوا من تلك المخيمات بوجه عبوس، وأفكار متجهمة بغيضة، يفسّق أهله، ويعتزل ما هم فيه، ويكثر من الاختلاء بنفسه، وفي داخله تمور وتكبر بذور «الزقوم» التي جاء بها من «المخيّم»، حتى تنفجر بثمارها المقيتة، ليتأذّى منها الوطن والأهل والغير والمحصّلة ضياع الدّنيا وفساد الآخرة.

غفلة كبيرة عشناها تلاعبوا بعقول أبنائنا بمنهج خفي قذر وسخام مخيمات عطن سودوا حياتنا وجعلونا في جاهلية مطلقة حتى أتت كلمة الحق على من فتح الله قلبه وأنار بصيرته فقال وفعل (سوف ندمرهم اليوم وفورًا) عبارة رجّت مسامع الدنيا قالها محمد الخير لتكون مبدأ وخطة عمل بدأت تظهر نتائجها سريعًا، والحمد لله وها نحن نقطف ثمارها علماً ومعرفة وقوة وانتصاراً، فكانت الرؤية، التي أدارت بوصلة العالم إلى «سعودية جديدة» مرتبة الأوضاع بنسق متزامن أتاحت الفرص للشباب من الجنسين ليقدم عطاءه، ويفجر طاقاته، ويستثمر محصلة مخزونه الفكري والعلمي والأكاديمي وهو ما تشهده اليوم موهبة مع هؤلاء النشء فبدلاً من المخيمات السوداء وصناعة الموت وكره الحياة ومعسكرات الجهاد يتوجه أبناء الوطن وبناته إلى رحاب عالم أوسع علماً وأكثر نفعًا للإنسانية مشاركين بأبحاثهم وعلومهم باسم الوطن لخير الأرض ومن عليها.

الحمد لله على نعمة الأمن والأمان وما نعيشه اليوم لغد آمن ومطمئن.