لا حكم على مسلسل من أول حلقة ولا حتى ثاني وثالث. مجحف بحق كل عمل أن يبدأ الجمهور بإطلاق أحكامه المسبقة لمجرد مشاهدته انطلاقة الأعمال الرمضانية، لكنه منصف أن يصفق لهذا أو ذاك وأن يبدي إعجابه وتفاؤله بما رآه في الحلقة نفسها، مانحاً كل الأعمال فرصة كي تُظهر ما في جعبتها لعلها تخبئ مفاجآت وتطورات كثيرة.

من حق كل من شارك في الأعمال الرمضانية أن ينتظر رأي الجمهور والنقاد وردود الأفعال، لأنه بلا شك بذل مجهوداً وقدم -من وجهة نظره- عملاً يستحق المشاهدة، وسواء أخطأ في الاختيار أو تسرّع واستخف بالعمل ففشل في تقديم عمل ناجح أو لائق بالإبداع الفني وبالمنافسة القوية في شهر رمضان، أم أجاد وقدّم أفضل ما لديه، إلا أن كل الأعمال تطلبت فريق عمل متكاملاً كي تخرج إلى النور، والواقفون خلف الكاميرات أكثر بكثير ممن نشاهدهم أمامها، لذلك يستحق كل منهم فرصة وكلمة طيبة.

تشعر للحظات وأنت تتسمر أمام الشاشة والمسلسلات والإعلانات تتوالى، أن كل النجوم خرجوا للعمل وأنك أمام أكبر عرض فني يقدم لك غالبية الفنانين من ممثلين ومغنين دفعة واحدة، وكأنه مهرجان فني ضخم كل منهم جاء ليشارك ولو بمشهد أو لقطة أو كلمة أو أغنية.. حتى تترات المسلسلات تحمل إبداعاً فنياً لا يمكن تجاهله، مونتاج لمشاهد وألحان وكلمات وغناء.. لا حكم عليه، نطلقها على كل ما نشاهده اليوم، باستثناء ما قد يستفز العين ويتعمد افتعال ما يثير غضب الناس أو يراه المرء غير لائق ومناسب للعرض على الشاشة وخصوصاً خلال الشهر الكريم، مانحين كل المسلسلات فرصة «التعارف»، نكتشف ما فيها ونقرر استكمال الرحلة معها أم الفراق لنتفرغ لأعمال تستحوذ على الإعجاب وتستحق التعمق فيها والتمعّن في تفاصيلها، حتى وإن فرضت بعض المسلسلات نفسها من لحظة الإعلان عنها - مثل مسلسل الحشاشين - وتصدرت قائمة الترند قبل رمضان، ومستمرة في كسب حب الجمهور وتحتل رأس قائمة الأعمال التي يشاهدها ويترقب أحداثها بفارغ الصبر.. فالأعمال الملحمية والشديدة الإتقان بكل تفاصيلها، لا بد أن تأخذ مكانة خاصة وتخرج عن نطاق المقارنات والمنافسة، لأنها خلقت لنفسها هالة معينة يصعب اختراقها أو مقارنتها بباقي الأعمال الاجتماعية التقليدية مهما بلغ مدى نجاحها وارتقى مستواها إلى ما فوق المتوقع، لأن الدراما أصناف وألوان، ولكل لون مواصفات تضعه في خانة، والحكم على المسلسلات يكون ضمن تلك المواصفات والرسائل التي ترسلها لنا ودرجة الإتقان في العمل الفني بحد ذاته.