ذَكر تقريرٌ نُشر مؤخراً على أحد المواقع الإلكترونية الإعلامية المهتمة بالقضايا العسكرية والدفاعية وبصناعات التسلح في المنطقة والعالم، أنه بسبب الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة منذ قرابة العامين، بدأت تنضب كميات مادة البارود الضرورية لصنع القنابل والمدافع العسكرية الحربية، وذلك بسبب كثرة استهلاكها من قبل الأطراف المتقاتلة في هذه الحرب التي تدخل عامها الثالث بين مد وجزر، والتي تستمر لأن بعض القوى الدولية الكبرى والمؤثرة لا تريد لها أن تتوقف، بل تسعى لزيادة نيرانها اشتعالاً.

ويُذكر في هذا الصدد أن البارود تم اكتشافه في الصين لأول مرة، وأن أول إشارة إليه كانت في عام 142 بعد الميلاد في عهد سلالة هان الشرقية عندما كتب الخيميائي «وي بويانغ»، المعروف أيضاً بلقب «أب الخيمياء»، عن مادة ذات خصائص شبيهة بالبارود. والبارود هو حشوة القنابل التقليدية داخل سبطانة المدفع وذخيرة البندقية، ويتم إطلاقه على البشر لإنهاء وجودهم سواء أكانوا من العسكريين أم من المدنيين، ولتدمر منازلهم وتخريب ممتلكاتهم وتشتيت شملهم.. وهو سلاح لا يفرق بين طفل وشاب وطاعن في السن أو بين رجل وامرأة.

ولنا أن نقول إن الحمد لله أنَّ إحدى وسائل ومعدات قتل الإنسان بدأت تقل وتشح وتختفي وتتلاشى، بعد أن ظلت مصانع السلاح تكدسها وتحشو بها العتاد الحربي، وسيلةً للقتل في الحروب المستمرة في مختلف أنحاء العالم، وكلما هدأت جبهة أشعلت أخرى نارَها، وما يزال عدد القتلى يتضاعف يومياً بسبب تلك الأسلحة الخطرة، جراء استخدام الذخائر التي يتباكون الآن على نفادها من مخازن العتاد الحربية.

إنهم يحذرون من مغبة تناقص مادة حشوات البارود، وليس من خطر إبادة الإنسان وتدميره وإنهاء وجوده بفعل هذه المادة الحربية الخطرة الحربية التي قتلت وتقتل ملايين البشر! لقد أصبح الإنسان يبدع في فنون القتال وصناعة الأسلحة الحربية الخطرة التي تفتك به وتعجل بإنهاء أجله، لدرجة أنه أصبح طعاماً لهذه الأسلحة الفتاكة التي تتاجر بها الشركات العسكرية المصنّعة.

وهناك أياد تعمل في هذا المجال ومن مصلحتها إشعال مزيد من الحروب وافتعال عدد أكبر من الأزمات والمنازعات وخلق «خميرة صراع» بين الجيران عبر العالم، لإشعال الحروب وخلق القلاقل، بغية بيع بضاعتها الخطرة لكل الأطراف المتناحرة. ولا توجد إلى الآن أنظمة ولا قوانين رادعة ولا منظمات أو دول كبرى تستطيع منع هذه الأسلحة التي تقتل البشر وتدمرهم وتنهي حياتهم أو تحولها إلى مآسي ومعاناة لا تنتهي.. لأن الدول القوية التي تسطيع ردع الدول المتخاصمة هي التي تصنع السلاح وتصدّره وتبيعه للدول المتقاتلة.

وهنا نتساءل: أين العقل الإنساني الواعي بهذه الكوارث والأزمات وبخطر الحروب المستعرة التي أصبحت محرقةً لقتل الإنسان، ووسيلة للقضاء على الزرع والضرع، بلا وازع ولا ضمير حي أو عقل راجح.. ومع ذلك يتشدقون بحقوق الإنسان وعدم المساس بحياته وسلامته وحريته ومستقبله، وعندما تقع الحروب يستخدمون كل الأسلحة الحربية الفتاكة، المدمرة والمحرمة، بلا حسيب ولا رقيب، ثم يطالبون بإعادة إعمار البلدان التي تدمرها هذه الأسلحة، وهكذا دواليك!