كنّا نعدّ الدراما مرآة مجتمعها، قبل ظهور مواقع التواصل التي أصبحت تعبّر عن الناس بالمحتوى الذي تنشره على صفحاتها، لكن تلك الصفحات، وكل وسيلة تواصل إلكترونية، معرّضة لأن تكون الوسيلة التي يستغلها الآخرون لاختراق حياتك، والنصب عليك، وتهديد أمنك واستقرارك، خصوصاً أن ما يسمونها «الغرف السوداء» أصبحت منتشرة، وتصطاد أشخاصاً لتوظفهم في سبيل تدمير حياة ضحاياها وتدمير أنفسهم في الوقت نفسه.

المشهد ليس مخيفاً إذا فهمنا أصول اللعبة السوداء التي يمارسها ضعاف النفوس، ومجرمو الإنترنت، وإذا تمكنّا من تحصين أنفسنا، وأبنائنا، وكل الأطفال والشباب، بالتوعية الصحيحة، والمراقبة الدائمة، والحوار الصريح. لكن تلك التحصينات لا تكفي ما لم تكن هناك مظلة يحتمي تحتها كل الناس، سند يعرفون أنه موجود في أي وقت يحتاجون فيه إلى دعمه، واستشارته، أو حمايته؛ والحماية والإحساس بالأمان يتحققان حين تكون هناك قوانين وسلطة يعرف كل فرد أنها موجودة، وتسهر لحمايته، وبإمكانه اللجوء إليها في أي وقت.

هذا الأمان متوافر في الإمارات، حيث لا تطوى الجرائم الإلكترونية لتنام في الأدراج، بل تتابع ويلاحق المجرمون والعصابات.

وتطوّر وسائل التواصل، وتلقي الشكاوى بين الناس ووزارة الداخلية، وقد أطلقت أخيراً منصة الجرائم الإلكترونية «ضمن الخدمات الذكية التي توفرها للتعامل مع الجرائم الإلكترونية»، وتوفر خدمة سريعة، وتسهل تلقّي الشكاوى والتواصل مع الضحايا، حيث تتيح لضحايا الجرائم الإلكترونية التقدم ببلاغات، لتصل سريعاً إلى الجهات المختصة والنيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة. كما تتيح للناس تقديم معلومات عن الجرائم الإلكترونية ليس من الأفراد فقط، بل من الشركات، والمؤسسات والهيئات الحكومية، الاتحادية والمحلية؛ فضلاً عن خدمة طلب الاستشارة المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وكيفية التعامل مع مخاطر الإنترنت.

هل سبق أن اطّلعتم على قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، وعرفتم ما المواد التي يصنّفها جرائم، بينما يتعامل معها الناس باستخفاف، أو كأنها أمر طبيعي؟ تزوير المستندات الإلكترونية، الاعتداء على البيانات والمعلومات الشخصية، التلاعب بالبيانات الطبية والحسابات المصرفية والأكواد السرية، التسول الإلكتروني، نشر بيانات أو معلومات لا تتوافق مع معايير المحتوى الإعلامي، إتاحة محتوى غير قانوني والامتناع عن إزالته، إنشاء أو إدارة موقع إلكتروني للاتجار بالبشر، التحريض على الفجور، ونشر مواد إباحية والمساس بالآداب العامة، تحويل أو حيازة، أو استخدام، أو اكتساب أموال غير مشروعة، الاحتيال الإلكتروني، الابتزاز والتهديد الإلكتروني، السبّ والقذف، الإعلان أو الترويج المضلل للمستهلك، الترويج لمنتجات طبية من دون ترخيص.. كم مرة فرضت نفسها علينا المواد الإباحية كلما فتحنا صفحة لا تمت للإباحة وأخواتها بأي صلة؟ وكم إعلاناً يفرض نفسه علينا للترويج لمواد ومنتجات غير مرخصة؟ نحن نشارك في انتشار وتمادي تلك الجرائم، إذا لم نقرأ القوانين ونسهم في الإبلاغ عنها.