حتى الحروب آخذة في التطور بشكل متسارع تعجز دول كثيرة عن مواكبته بسبب ضعف إمكاناتها، وتسارع حركة الإنتاج والتطوير. فبعد الطيران الحربي، والصواريخ الذكية والدقيقة، دخلت المسيّرات الحربية لتبدّل جذرياً في طرق الاستهداف، ودقّتها، والخروج من منطق الرصد والتصدّي، حتى تحوّلت القبة الحديدية التي تعتمدها إسرائيل مثلاً، بمثابة خردة أمام المسيّرات التي اقتحمت خطوط الحماية وتجاوزت قدرة القبة المجهزة لردّ الصواريخ المتوسطة المدى.
في شباط (فبراير) 2007، اختار وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتز نظام القبة الحديدية كَحلٍّ دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى عن إسرائيل. منذ ذلك الحين بدأ تطور النظام الذي بلغت كلفته 210 ملايين دولار بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي وقد دخل الخدمة في منتصف عام 2011.
وفي مقال له في صحيفة "هآرتس" في كانون الثاني (يناير) 2010، قال رؤوفين بيداتسور، المحلل العسكري والأستاذ في جامعة تل أبيب، إنّ القبة الحديدية كانت أكبر عملية احتيال ضخمة، مع العلم أنّ زمن رحلة صاروخ "قسام" إلى سديروت هو 14 ثانية، في حين أنّ نظام القبة الحديدية يحدّد ويعترض الصاروخ بعد 15 ثانية.
اما أسراب الطائرات من دون طيار (المسيّرة) فقد أوشكت وفق "وول ستريت جورنال" على تغيير ميزان القوة العسكرية، إذ باتت تشكّل تهديداً يبدّل مسار الحروب. وعندما يمكن تسخير المئات منها لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تصبح أداة للغزو.
بلغت تكلفة الطائرة من دون طيار من طراز "شاهد" (الإيرانية)، التي قتلت ثلاثة جنود أميركيين في الأردن يوم 28 كانون الثاني (يناير) 2024، نحو 20 ألف دولار. وعلى بعد 1000 ميل، وبعد ثلاثة أيام، في ليلة 31 كانون الثاني (يناير) وحتى صباح الأول من شباط (فبراير)، قامت طائرات بحرية من دون طيار نشرتها الوحدة 13 السرية الأوكرانية، بإغراق السفينة الحربية الروسية "إيفانوفيتس" التي تبلغ قيمتها 70 مليون دولار في البحر الأسود. وعلى مدى الأشهر القليلة الفائتة، أوقف وكلاء الحوثيين تجارة بمليارات الدولارات عبر خليج عدن من خلال هجمات مماثلة غير مكلفة بطائرات من دون طيار على الشحن البحري.
المعطيات المتوافرة حتى الساعة، ترجح تفجّر عصر جديد في الحرب، إذ إنّ العشرات أو المئات من الطائرات من دون طيار في أسراب موجّهة بواسطة الذكاء الاصطناعي ستكون لديها القدرة على التغلب على الدفاعات وتدمير حتى المنصّات المتقدّمة.
لكنّ تطوراً كبيراً أُعلن عنه الاسبوع الماضي، قد يبدّل تبديلاً في حرب المسيّرات أيضاً، إذ نجحت الصناعة العسكرية الإنكليزية في إطلاق سلاح ليزر عالي القدرة باتجاه هدف جوي للمرّة الأولى، في إطار تجربة أجرتها على السلاح الجديد. ومن المأمول أن يمهّد هذا الاختبار الطريق أمام تطوير بديل منخفض التكلفة للصواريخ، يُستخدم في إسقاط أهداف مثل الطائرات المسيّرة. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنّ سلاح الليزر "دراغون فاير" الجديد، دقيق بما يكفي لإصابة عملة معدنية (مثل الجنيه الإسترليني) على بعد كيلومتر.
هذا السلاح الليزري الجديد، ربما، بعد انتشاره، سيقيّد حركة المسيّرات، ويجعلها في حاجة ماسّة الى تطوير يقيها السقوط السريع.
ووصفت الاختبار، الذي أُجري في منطقة هيبرايدس في اسكتلندا، بأنّه "خطوة كبيرة" على صعيد إدخال هذه التكنولوجيا إلى الخدمة.
التعليقات