الكثير من الأسئلة التي قد تتبادر لأذهاننا حول صلاحية الكتب ومدى أهميتها وقيمتها مع الوقت؟ خاصة ممن لديهم اهتمام بالقراءة اليومية، وشغف بالكتب والحرص على معرفة الجديد في عالم الكتب، تظل قراءة الكتب لها قيمة معرفية تضاف إلى رصيد القارئ وتحسن من إثراء مخزونه اللغوي وتساعده على استكشاف عوالم جديدة، وقد تختلف فائدة قراءة الروايات والقصص عن الكتب العملية والثقافية، ولكن الفائدة تعمم على الجميع دون استثناء، بعض الآراء ترى أن الرواية مجرد وسيلة للتسلية وربما لا قيمة لها ولا تبني ثقافة، ولكن من وجهة رأيي أن الأمر لا يعتمد على قراءة الروايات أو الكتب العلمية والنقدية ، إنما لطبيعة اختيار الكتاب ، فهناك الكثير من الروايات التي تضيف للقارئ بعداً ثقافياً وتحسن من الخيال وتعرفنا على ثقافات الشعوب وتنمي لدينا مهارة التعبير والكتابة وتعزز مهارة التحدث والانطلاق ولكن البعض قد يرفض قراءة الروايات وسوف أطرح نظرة مغايرة طرحها الكاتب كارلوس ليسانكو في كتابه (الكاتب والآخر)، إذ يقول "أنا لا أقرأ الروايات، لا أستطيع قراءتها، لا أرى الحكاية بل أرى الطريقة التي تعرض بها. إن على رواية ما ألا تقدم حكاية فحسب، وإنما تقترح ما هو جديد في فن الرواية، ولهذا لا أقرأ الرواية. ثمة غرور في القول إني لا أقرأ الروايات، في حين إنني أكتبها، ولكن الواقع هو أنني لا أقدر على قراءة الروايات" ورغم هذه التناقضات والاختلافات في موضوع تناول الكتب وبالأخص الروايات، إنما تظل مجرد آراء ليس بالضرورة أن تعمم، ولكن هناك ميزة تتميز بها الرواية عن باقي الكتب وهي أنها كتب موجهة للجميع ولا تقتصر قراءتها على فئة معينة ولا تتطلب لغة خاصة أو تخصص معين ولا توجد في الرواية تعقيد معين وأهم ما يميزها هو القدرة على التحرر من قيود أو قواعد الواقع وعدم الالتزام بها، إنني لا أقلل من قيمة الكتب ولا أمنح للرواية بعداً مهماً آخراً، ولكن تبقى نوعية القراءة من اختيار القارئ.
الكتاب لا تنتهي صلاحيته، ولكن ذلك لا يعني أن يهدر القارئ على شراء كتب لا يحتاجها، البعض عندما يدخل معارض الكتب وتستهويه العناوين يشتريها دون تمعن أو تفحص إنما لتقليد الآخرين أو وسائل التواصل التي ساعدت على انتشار مثل هذه الكتب، وقد تمتلئ مكتبات البعض منا بعشرات الكتب التي لم تقرأ ولم تلمس من قبل أحد، تظل وجودها في بعض البيوت وكأنها جزء من ديكور أو من تصميم المنزل، البعض مثل ما ذكرت قد تخلب عناوين الكتب عقله وقد تسلب فكره وقد تظلُ مكدسة لسنوات دون أن تمسها يد أو حتى تحرك صفحاتها، والبعض بعد فترة قد يتبرع بكتبه للجهات الثقافية لأنه ليس بحاجة لها.
الكتاب لا ينتهي صلاحيته ولكننا قد نحكم عليه بالنهاية عندما نغلق أوراقه وغلافه ولا تمسه أيدينا ولا نعرف محتواه، ولا نحرص على الاعتناء به الكاتب خورخي لويس بورخيس يقول: (لقد تخيلت دائمًا أن الجنة ستكون نوعاً من المكتبات).
التعليقات