رغم أن هناك خفضاً زهيداً فى بعض أسعار السلع، إلا أنه تحقق بالفعل خلال الأيام الماضية. وهذا يبشر بالخير، لأنه من الطبيعى بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة أن يحدث خفض فى الأسعار. ورغم قيام الحكومة بطرح العديد من السلع الغذائية بأسعار تنافسية أمام الجهات الأخرى، ما زالت أسعار السلع لم يطرأ عليها الخفض الحقيقى لسببين رئيسيين، الأول: هو أن التجار الجشعين ما زالوا يصرون على عرض السلع بأسعار مبالغ فيها، ودائماً ما يكون ردهم الوحيد «اللى عاجبه يشترى.. واللى مش عاجبه يخبط راسه فى الحيط». وتفكير التجار بهذا الشكل يعد كارثة بشعة تستوجب الوقوف أمامها ملياً لإيجاد الحلول السريعة لها. وصحيح أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات الصارمة لوقف جشع التجار ويأتى على رأسها تعديلات فى قانون منع الاحتكار وتشديد العقوبات ضد جشع التجار.

الثانى: هو وجود تفاوت واضح وصريح فى أسعار السلع. فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن سلعة واحدة فى مكان واحد بأكثر من سعر، رغم أن الجودة واحدة، وهذا لا تفسير له سوى أن بعضاً ممن يعرضون هذه السلعة يبيعون بأكثر من المطلوب. والسؤال إذن: هل الإجراءات المشددة التى أعلنت عنها الحكومة يتم تنفيذها أو تفعيلها؟! .. والإجابة ليست غائبة على أحد فالجميع يعلم تمام العلم أن الفوضى ما زالت سائدة فى الأسواق، ويتجرع ويلاتها المواطنون بلا استثناء فى ظل الارتفاع الحاد فى الأسعار الذى شهد هبوطاً ضعيفاً خلال الأيام الماضية.

أعتقد أن الأمر يحتاج إلى تكشير الأنياب بشدة ضد التجار الجشعين، ليرحموا المواطن من هذا الارتفاع فى الأسعار، ورغم كل الأحاديث عن عرض العديد من السلع من جانب الحكومة، خاصة وزارات التموين والدفاع والداخلية، إلا أن هذا لم يردع التجار الجشعين، وليس من المعقول أو المقبول أن تغطى وزارة التموين الفارق من خلال المعارض التى تقوم بها. ولذلك يبقى ضرورة أن يكون هناك دور إيجابى للمواطن فى هذه القضية، وهذا الدور ينحصر فى أمر واحد لا ثانى له وهو الامتناع عن شراء السلعة التى يرى المواطن أن التاجر يزيد من قيمتها بأزيد من اللازم، والمعروف أن فكرة الامتناع عن شراء السلعة تصيب التاجر الجشع فى مقتل وتجعله يراجع نفسه ألف مرة قبل أن يحتكر السلعة أو يزيد من ثمنها.

على كل حالٍ لابد من مواجهة حقيقية فيما يتعلق بضبط الأسواق والتصدى لجشع التجار، ولا أحد ينكر أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات لكنها للأسف الشديد لم يتم تفعيلها على أرض الواقع؟!.. نحن فى حاجة شديدة لهذه المواجهة الشرسة مع جشع التجار.