يعاني الإنسان دائما الصدمة الأولى وتؤكد ذلك صرخة الطفل عند ولادته ثم يتعايش مع الصدمات الأخرى فيما بعد، ورواد الأعمال تلك الشريحة المهمة من الشباب والشابات كان خيارهم التوجه للعمل الحر بدلا من انتظار الوظيفة الحكومية أو القطاع الخاص ولذا فإن لهذه الشريحة دورا مؤثرا في دعم الاقتصاد الوطني وتخفيض نسبة البطالة وقد ظهر ذلك خلال السنوات الثلاث الماضية حيث انخفضت نسبة البطالة إلى مستوى غير مسبوق يبلغ 7,7 %.
وتقدم الدولة عديدا من الحوافز لهذه الشريحة ابتداء من تذليل العقبات وسن التشريعات التي تدعم تنفيذ مشروعاتهم وخدماتهم وسهولة الحصول على التمويل ولذا حققت المملكة المرتبة الرابعة عالميا في مؤشر دعم الحكومة للأعمال وقلة العوائق وسهولة دخول الأسواق بين 45 دولة وتقدم ترتيب المملكة في مؤشرات أخرى أهمها امتلاك المهارات والمعرفة لدى الأفراد ومنهم رواد الأعمال وتوفر البنية التحتية التي حققت فيها المرتبة الثانية عالميا.
ونتيجة لهذا الدعم زاد عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى نحو 1.3 مليون منشأة بنهاية عام 2023، ويبقى بعد كل ذلك دور رائد الأعمال نفسه الذي يجب أن يكون لديه القدرة على تحقيق النجاح وتحويل المخاطرة إلى أرباح وتحمل الصدمة الأولى التي قد تعطل المشروع وتؤثر في حياته مستقبلا، وربما هناك من يسأل وكيف يمكن أن يتغلب على الصعوبات في البداية وهنا أقول إن الأخذ بأسلوب التجربة العملية عن طريق العمل في مؤسسات مماثلة للنشاط الذي يعتزم العمل فيه قد تكشف له كثير عن مصادر المواد الخام وكيفية ضبط المصروفات والإدارة الصحيحة ودقة تحديد الأسعار وهذه العناصر مهمة جدا.
كما أن الاستماع مباشرة إلى نصائح من لديهم تجارب في نفس المجال سواء عن طريق ورش العمل أو المحاضرات التي تقدمها بعض الجهات ذات العلاقة مثل مراكز دعم المنشآت ومعهد ريادة الأعمال الوطني ومعهد الإدارة العامة التي تقدم حزمة من البرامج بالتعاون مع القطاعين العام والخاص وكذلك برامج الاستشارات عن طريق جلسات ثنائية يقدمها خبراء استشاريون، وإن كنت أميل إلى التجربة العملية من رجال الأعمال الناجحين وفق البيئة والظروف المحلية وليست بناء على تجارب في دول أخرى.
لقد تابعت خلال الفترة الماضية لقاءات تلفزيونية قدمها الزميل مفيد النويصر مع رجال أعمال كانت بدايتهم متواضعة حتى إن أحدهم بدأ برأس مال خمسين ألف ريال وهو الآن يحقق الملايين من الأرباح لأنه طور عمله وفق أحدث الأساليب وتحمل الصدمات الأولى بشجاعة وإصرار.
وأخيرا: علينا جميعا مساعدة رواد ورائدات الأعمال لتلافي الصدمة الأولى والتعامل معها في حال حدوثها ويبقى مجال ريادة الأعمال جاذبا للشباب والشابات وتلاحظ زيادة رغبة الفتيات أخيرا لخوض التجربة وعليهن كما على الشباب الحرص وعدم الاندفاع في البداية حيث يكبر المشروع تدريجيا حتى لا تؤدي زيادة المصروفات والقروض إلى فشل التجربة في العام الأول كما حدث لبعض مشروعات المقاهي التي ظهرت واختفت فجأة بعد شهور من افتتاحها.
التعليقات