إن الحفاظ على التراث الواسع للثقافة، قوامه اللغة. هذا مهم ولا نقاش فيه، لكن ثمة ما هو أهم، وهو أن اللغة أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية التي يحملها الأفراد، لتميزهم بين الآخرين، وتظل على مر العصر مبعث فخارهم.
في الفترة ما بين 2014 إلى 2020، واللافت على نحو مشرف، صدور قائمة من المواثيق في دولة الإمارات، وهي مجموعة المبادرات التي تحض على احترام اللغة العربية، وسعة إجلالها بنشر استعمالها، في الحياة العامة، وفي التعاملات الرسميّة، على حد سواء. من هذه المبادرات جائزة محمد بن راشد للغة العربية، قانون حماية اللغة العربية في دبي، مجمع اللغة العربية في الشارقة و جمعية اللغة العربية في أبوظبي، وكلها تتضافر اليوم جهودها الهادفة إلى حماية اللغة العربية وتراثها الغني، وتعزيز استعمالها وانتشارها، ونشر الوعي بأهميتها.
وكمثال على مبالغة الأمم في حماية لغاتها الوطنية وإجلالها، أن بعض دول العالم، وصلت الروح القومية لديها إلى حد حظرت معه استخدام أي لغة أخرى تكون الثانية في البلاد، غير اللغة الأم، لتبقى الوحيدة الرسمية. من هذه الدول اليونان والمجر والمكسيك والبيرو وكينيا وآيسلندا، لكن الأهم بينها فرنسا؛ فبعدما حظرت عرض الأفلام الأمريكية في دور السينما لديها، على اعتبار أنها تشكل نوعاً من الغزو الفكري لثقافة الأمة. وصل الأمر بالأكاديمية الفرنسية - وهي جمعية تهتم باللغة الفرنسية وتطويرها - اللجوء إلى القضاء الإداري لإزالة كلمات مكتوبة بالإنجليزية، في النموذج المستقبلي، المقترح، لبطاقة الهوية الفرنسية، وفق ما ذكرته الأمينة الدائمة للأكاديمية إيلين كارير دانكوس لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية.
محمد حسن الحربي
التعليقات