وهب الله المملكة العربية السعودية مقومات جغرافية، وحضارية، واجتماعية وثقافية واقتصادية عديدة، تمكنها من تبوؤ مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم، ورؤية أي دولة لمستقبلها تنطلق من مكامن القوة فيها، وذلك ما تم انتهاجه عند بناءِ رؤية المملكة العربية السعودية (1452هـ - 2030م)؛ لتكون خارطة طريق تعزز نقاط قوتنا التي وهبنا الله إياها، والمتمثلة في موقعنا الاستراتيجي وقوتنا الاستثمارية، ومركزنا في العالمين العربي والإسلامي.
تعطش بثقة لا متناهية ويقين كبير وإيمان مبين بالتغييرات الجذرية المتلاحقة الطموحة في السعودية الحديثة الممتلكة لكل مقومات صناعة المستحيلات الممكنة، في زمن فارق متعطش لمزيد من العباقرة والنبلاء، من يعيدون ترتيب العالم من جديد، كما أراده الله أن يكون، بهاءً وعظمة، أمناً وسلاماً، سخاءً رخاءً، عزماً وحزماً؛ تستهدف رؤية 2030 الوصول إلى مجتمع حيوي، واقتصاد قوي، وذلك من خلال توفير البيئة المناسبة للنمو، وخلْق فرص عمل للمواطنين، والاهتمام بالمواهب وتنمية الاستثمارات.
إن رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030 هي مبادرة شاملة تهدف إلى تحويل اقتصاد المملكة وتحقيق تنوع اقتصادي، وتعزيز قطاعات الصناعة والخدمات غير النفطية، وتطوير البنية التحتية، وتحسين التعليم والتدريب، وتعزيز مجتمع المعرفة والابتكار، وتعزيز القطاع الصحي، وزيادة فرص العمل للشباب، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
ومن خلالها أطلقت المملكة 13 برنامجًا لتحقيق أهداف رؤية 2030، وحددت ما يقارب من 300 إصلاح اقتصادي، من ضمن برامج الرؤية، جودة الحياة، منذ إطلاق هذا البرنامج في عام 2018 ساهم في التحول الكبير للمملكة إلى وجهة للفعاليات الرياضية، بالإضافة إلى الترفيه العالمي الذي حقق شهرة واسعة، ما جعلها تجذب قدرًا كبيرًا من السياح.
ولطالما كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رجل المرحلة والمهمات المستحيلة بفكره ورؤيته المستقبلية للسعودية الجديدة بكل طموح وجرأة وإقدام وهذا ما ميزه - حفظه الله -، في حديثه عند إطلاقه مشروع مدينة «ذا لاين» في نيوم، الذي يُعدّ نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلاً، ومخططاً يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة.
ولسبر هذا المشروع العالمي، فنجد مثالًا حيًّا تميز مدينة «ذا لاين» بمجتمعاتها الإدراكية المترابطة والمعززة بالذكاء الاصطناعي ضمن بيئة بلا ضوضاء أو تلوث، وخالية من المركبات والازدحام، واستجابة مباشرة لتحديات التوسع الحضري التي تعترض تقدم البشرية، مثل البنية التحتية المتهالكة، والتلوث البيئي، والزحف العمراني والسكاني.
وإضافة على أن «ذا لاين» ستعمل على تحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» على صعيد التنويع الاقتصادي، فإنها ستوفر 380 ألف فرصة عمل، والمساهمة في إضافة 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2030م
عراب التنمية ومهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان تحدث ببراعة استشراف المستقبل وانتشائه: "على مدى العصور بُنيت المدن من أجل حماية الإنسان بمساحات ضيقة، وبعد الثورة الصناعية، بُنيت المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الإنسان، المدن التي تدعي أنها هي الأفضل في العالم يقضي فيها الإنسان سنين من حياته من أجل التنقل، وسوف تتضاعف هذه المدة في 2050، وسوف يُهجر مليار إنسان بسبب ارتفاع انبعاثات الكربون وارتفاع منسوب مياه البحار".
وثم طرح - حفظه الله - أسئلة تحفها أنسنة المدن: "لماذا نقبل أن نضحي بالطبيعة في سبيل التنمية؟ ولماذا يُتوفى 7 ملايين إنسان سنوياً بسبب التلوث؟ ولماذا نفقد مليون إنسان سنوياً بسبب الحوادث المرورية؟ ولماذا نقبل أن تُهدر سنين من حياة الإنسان في التنقل؟.. نحن بحاجة إلى تجديد مفهوم المدن إلى مدن مستقبلية، اليوم بصفتي رئيس مجلس إدارة (نيوم) أقدم لكم (ذا لاين)؛ مدينة مليونية بطول 170 كم، تحافظ على 95 في المئة من الطبيعة في أراضي (نيوم)، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية"
ومع وقفات يسيرة مختلفة للوقوف على سر شخصية عراب رؤيتنا وقائدها «محمد بن سلمان»، فإنه يستمر مشرقاً بلقطاته المتفردة بين سطور المستقبل، وللمتابع للغة خطابه يجد أنه استمر بتفرده وثقته كما عهدناه دائماً؛ استخدم لغة الرسائل العميقة والمباشرة معاً، وكبسولات الحقائق الدامغة، تحدث بوضوح شامل بكل بساطة، سأل بذكاء، أردفها بقوة حجة، متسلحاً بلغة الواثق بالحقائق والشواهد الماثلة، وبكل هدوء وحكمة وثبات كجبل "طويق" الراسخ، وطموح يعانق عنان السماء وأكثر.
التعليقات