أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن خطة سلام لوقف إطلاق النار في غزة من ثلاث مراحل، وقال إنها خطة إسرائيلية، لكن ثمة أمر غير واضح بالخطة، وتوقيتها، وطريقة طرحها.

الرئيس بايدن يقول إن الخطة إسرائيلية، ومكتب نتنياهو يقول إنه «أجازها»، لكن أمس السبت قال نتنياهو، في بيان، إن وقف إطلاق النار بغزة لا يمكن أن يتم إلا بعد القضاء على القدرات العسكرية والقيادية لـ«حماس».

وقال نتنياهو إن «شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير، وهي القضاء على قدرات حماس العسكرية، وقدرتها على القيادة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل».

مضيفاً أن «إسرائيل ستبقى مصرة على تحقيق هذه الشروط قبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وفكرة أن إسرائيل ستوافق على وقف دائم لإطلاق النار قبل تحقق هذه الشروط غير مطروحة».

هذه التصريحات تعني أن لا اتفاق في وقت سابق على الخطة، وكما طرحها بايدن. وقد تكون تصريحات نتنياهو هذه لتعزيز موقفه الداخلي، حيث إن الضغوط عليه خارجية، وداخلية، سواء من المعارضة، أو حلفاء نتنياهو باليمين المتطرف.

والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالخطة التي طرحها بايدن، وتقع في أربع صفحات ونصف الصفحة، تتضمن خريطة طريق دون تفاصيل واضحة لكيفية تجاوز المراحل الثلاث، والتفاصيل مهمة.

من يطلع على الخطة يجد أن المرحلة الأولى تتضمن وقف إطلاق النار، والإفراج عن عدد محدود من الرهائن، وانسحاباً إسرائيلياً، مع محادثات مع «حماس» للوصول إلى المرحلة التالية.

والمرحلة الثانية تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن، والانسحاب الإسرائيلي الكامل، وهو ما سماه بايدن مرحلة «نهاية دائمة للأعمال القتالية»، وهذا يتطلب مفاوضات قد تستغرق أكثر من ستة أسابيع.

وفي المرحلة الثالثة، بحسب بايدن، تبدأ «خطة إعادة الإعمار الكبرى في غزة، وستتم إعادة أي رفات أخير للرهائن الذين قتلوا إلى عائلاتهم». وهنا الأسئلة أكثر من الأجوبة بكل تأكيد. ومنها التالي: من سيدير غزة طوال فترة تنفيذ هذه المراحل؟

ورغم أن «حماس» قالت إنها تنظر بإيجابية لخطة بايدن، الذي قال إن هذه الخطة شبيهة لما وافقت عليه «حماس» من قبل... فهل تقبل إسرائيل بعودة «حماس» لحكم قطاع غزة؟ نتنياهو يقول لا.

هل تقبل «حماس» بالتخلي عن غزة بهذه السهولة؟ الأكيد لا. وإذا كان الهدف أن تُحكم غزة من قبل السلطة الفلسطينية، وهذا هو المفروض، فهل السلطة ضمن فرق التفاوض، وفقاً للخطة التي أعلنها بايدن؟

الأمر الآخر، وفق ما أعلنه بايدن، أن إنجاز المراحل الثلاث هذه تتطلب مفاوضات جادة، ومضنية، فهل واشنطن مستعدة لذلك؟ الواضح لا، فكل ما يريده بايدن الآن هو وقف إطلاق النار والتركيز على حملته الانتخابية، والباقي بالنسبة له مجرد تفاصيل.

وعليه، فالواضح من هذه الخطة أنها مبادرة نزلت عبر «باراشوت»، وليست نتاج اتفاق والتزام سابق بين جميع الأطراف. أتمنى أن أكون مخطئاً، لكن الأمور ليست بهذه السهولة، خصوصاً إذا تذكرنا أن المتفاوضَين بنهاية المطاف؛ هما السنوار ونتنياهو.