شاهدت تلفزيونياً خلال الفترة الماضية بعض من المسرحيات الاجتماعية المحلية والخليجية والعربية القديمة، مسرحيات اجتماعية تم صناعتها من أجل إمتاع الناس وترفيههم اجتماعياً، وليس عروض لمتعة فريق العمل فقط أو للمهرجانات المحلية أو الخارجية كما يحدث في وقتنا الحاضر، فبرغم قدم تلك المسرحيات فهي ما تزال باقية حية في وجدان الناس وذاكرتهم، لأنها كانت ناجحة ومؤثرة فيهم، فمثلاً نتذكر لعادل إمام «مدرسة المشاغبين، شاهد ما شافش حاجه، الواد سيد الشغال، الزعيم» ولسمير غانم «المتزوجون، أهلاً يا دكتور، عبدالسميع اللميع» ولدريد لحام المعروف بـ»غوار» نتذكر «غربة، كأسك يا وطن» ولمحمد صبحي «الجوكر» ولحسين عبدالرضى «باي باي لندن، سيف العرب، على هامان يا فرعون» ولمحمد العلي «تحت الكراسي، عويس التاسع عشر» ومسرحيات سعودية ما زالت في الذاكرة على سبيل المثال لا الحصر «قطار الحظ، ثلاثي النكد، الدراهم مراهم، باقي الغسيل، حكاية ما جرى، المقاول، وغيرها»، مسرحيات أقل ما يقال عنها أنها طويلة العمر..

السؤال ماذا قدم المسرحيون في السنوات القريبة الماضية من مسرحيات ناجحة صفق لها الجمهور لكي تكون خالدة في الذاكرة؟ أعتقد لم ينجح أحد، فباستثناء مسرحية «الذيب في القليب» لناصر القصبي وراشد الشمراني، لا نجد مسرحية بقيت نردد مقاطعها ونرى القنوات التلفزيونية تقوم بإعادة عرضها،! هل يعني ذلك فشل المسرحيين في التواصل مع الناس والمجتمع ؟ لعلنا نسعى لنعرف ماهي أسباب تحويل مسار المسرح من دوره الممتع والمؤثر وقصره ليكون لمتعة فريق العمل أو فقط لجمهور مهرجانات مسرحية محلية وخارجية! للحقيقة أن المسرح الاجتماعي الذي يُقدم لجميع افراد المجتمع ويطرح القضايا الاجتماعية خاصة على المستوى المحلي، حقق حضوراً جيداً خاصة في السبعينات والثمانينات الميلادية، حيث توجه المسرحيون نحو مجتمعهم، فقدموا عروضاً لاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً، ثم تراجع المسرح الاجتماعي الجماهيري، وتصدر ما يسمى بالمسرح النخبوي المليء بالتغريب والتجريب والفقر الفني، الأمر الذي لم يستطع تحقيق جماهيرية شعبية، مما أدى إلى ابتعاد كثير من الموهوبين عن المسرح لقلة المردود المادي، كذلك فضلت المواهب الانتقال للمسلسلات التلفزيونية التي تحقق إيرادا ماليا جيدا لهم وشهرة واسعة، وهذا أثر في المستوى الفني للأعمال المسرحية الأخيرة، قابل هذا التراجع الجماهيري تصاعد ما يسمى بالمسرح النخبوي، ولإعادة المسرح الاجتماعي إلى الواجهة الجماهيرية محلياً، نرى أن الأمر أولاً وأخيراً على عاتق وزارة الثقافة ممثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية، لا نطالبها بإيقاف المهرجانات المحلية والمشاركات الخارجية، إنما نطالب الالتفاتة للمسرح الاجتماعي بشيء من الدعم والاهتمام، لكي يعود المسرح لمجتمعه وجماهيره، والله من وراء القصد.