تمثّل مشهدية استقبال الحجاج سنوياً، بهذه الأعداد الضخمة، وبذات الاحترافية في التعامل مع الحشود والاحتشاد حالة من الفرادة، والاستثنائية، والتعاطي المذهل، الذي يستحق العديد من الدراسات وتسليط الضوء، والوقوف على عبقرية النجاح، والأسباب التي تضافرت لتحقيقه، بالرغم من محاولة تعكير صفو هذا الجهد أو تعويقه من عناصر وأدوات غاية في الدُّنوّ، أدوات مسكونة بالحقد ومدفوعة من جهات لا همّ لها إلاّ الاقتيات على الفوضى، وزرع الأكاذيب وغيرها، ما لا يعكس أي أخلاقيات أو مسلكيات سليمة.

اليوم من خلال رصد سريع وأمين لتلك الجهود التي تبذلها المملكة؛ إنفاذاً لتوجيهات القيادة الفذة الكريمة التي تضرب للعالم أجمع مثالاً بأننا من السُّموّ والعطاء، والسعي الصادق لتأدية الواجب العظيم الذي ندبنا إليه المولى - عز وجل - من تسهيل هذه الشعيرة العظيمة لكل من قَصَدَ أرض الحرمين الشريفين لغاية سامية، ولأداء شعيرة ونسك عظيم لمن استطاع إليه سبيلاً.

اليوم المملكة تواصل دورها الريادي والديني الذي دأبت عليه منذ توحيد هذه البقعة الطاهرة، تستقبل سنوياً ملايين الحجاج من شتى بقاع الأرض لأداء فريضة الحج، محملين بالآمال والروحانية التي يحملها هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

تقف على إتمام هذه الشعيرة قيادة لا تدّخر جهداً، بل إنها تفخر وتعتز بخدمة ضيوف الرحمن، وتقف بنفسها إشرافاً ومتابعة لضمان سير العمل والخدمات بما يوازي استشعارها قيمة هذه الشعيرة، وتسعى جاهدة لتحقيق رحلة آمنة وميسرة لهم، تعكس قيمنا الإسلامية وتقاليدها العريقة في الاستجابة لأوامر الله - عز وجل -، ثم تقديم حُسن الضيافة والرعاية، وكل هذا يتم في إطار الاستعدادات والتوجيهات التي وجّهت بها القيادة.

جهود أمنية وصحية ووقائية وغيرها من جهود تؤكد جاهزية رجال الأمن والجهات الأمنية كافة، لخدمة حجاج بيت الله من جهة، ومن جهة أخرى لا تقل أهمية عنها، تتمثل في الحفاظ على قداسة المكان والزمان اللذين من أجلهما تم تجنيد كل تلك الطاقات؛ لردع كل ما قد يؤثر على سلامة الحجاج، جهود أمنية تتكامل مع بعضها البعض، وتتضافر لأن نصل إلى مبتغانا جميعاً، وهو ضمان أداء ضيوف بيت الله من الحجاج للمناسك في أجواء من الطمأنينة والأمان، ولا شك أن تواشج تلك الجهود وانضباطيتها واحترافيتها تعكس روح الفريق الواحد الذي يعمل بلا كلل لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في راحة وسلامة الحجاج.

ولا يغيب عن ذهن كل متابع منصف الصور الإنسانية العفوية التي باتت مسلكاً ومظهراً إنسانياً نبيلاً، يقدمه أبناؤنا من عسكريين ومدنيين سواء من حيث التعامل مع كبار السن وتمكين جميع الحجاج من تأدية مشاعرهم بكل يسر وسهولة.

هو بعد إنساني بات يميز خدماتنا ويعكس التزامنا العميق برعاية ضيوف الرحمن، ولعل من المبهج ما تم الإعلان من استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي لدعم عملية اتخاذ القرار، يعكس مدى التطور الذي وصلت إليه المملكة في تسخير التكنولوجيا لخدمة الحج.

يبقى التأكيد على أن المملكة برغم سخاء العطاء، ودقة التنظيم، والوقوف على كل ما من شأنه إنجاح هذا النسك العظيم، فإنها - وبتأكيدات المسؤولين - لن تسمح بأي عبث أو محاولة تعكير لضيوف الرحمن الذين تفتخر بلادنا وقادتها بخدمتهم، عطاء لا ترجو منه سوى رضا العزيز الكريم الذي فرض هذا الركن من أركان الإسلام، واستخلف أهل هذه الأرض في رعايته.