التدليس هو إخفاء العيوب وتغطيتها عن المشتري، وينطبق المعنى على ادعاء المميزات والإيجابيات وتحسين الصورة بما لا يثبت فعلاً.

وحقيقة فإن التدليس بهذا المعنى زاد كثيراً وأصبح يتكرر خاصة بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول للمستهلك عبر المروجين للمعلومة الخاطئة المضللة وكيل المديح لمنتج أو سلعة بإضفاء صفات ومميزات وتأثيرات غير حقيقية.

والأمثلة على التدليس كثيرة جداً ويمكن تقسيمها إلى شديدة الخطورة وخطيرة وأقل خطراً، ومن التدليس شديد الخطورة إخفاء بعض الصيادلة من مندوبي الدعاية الدوائية التابعين لشركات الأدوية أو لوكلاء شركات الأدوية، إخفاؤهم للأضرار الجانبية للدواء وتقديم الدواء للأطباء على أنه خالٍ من الأضرار مع تركيزهم على التأثيرات الإيجابية وتجنب ذكر التأثيرات السلبية، وسبق أن ذكرت أننا (صيادلة المستشفيات الحكومية) لا نسمح لهؤلاء المسوقين بالانفراد بالطبيب بل نصر على حضور الجلسة وذكر كامل التأثيرات ونتائج الدراسات السلبية والإيجابية، ولذا فإنني أقترح، في كل مناسبة، سعودة وظائف مندوبي الدعاية والتسويق للأدوية واشتراط استقلالهم وارتباطهم فقط بالمكاتب العلمية الدوائية.

ومن أمثلة التدليس الخطير ادعاء بعض شركات مكافحة الآفات والحشرات أنهم يستطيعون القضاء على الثعابين والعقارب بالمبيدات الحشرية، وادعاء موردي أجهزة وأدوات شفط أنها تشفط سم الثعبان أو العقرب من الجسم بعد جرح المكان، وهذه فصلت فيها في مقال سابق.

ومن أمثلة التدليس الأقل خطورة والأكثر استغفالاً القول إن صابوناً يقتل جميع الفيروسات أو إن معجون أسنان يوقف نزف اللثة ويقتل كل البكتيريا والفطريات، وهذا هراء فما يقتل البكتيريا ينشط الفطريات والعكس صحيح، أو الادعاء بأن محلولاً كله صبغات هو عصير طبيعي أو أن اللبن يساعد على الهضم.

ومؤسف جداً أن يدعي طبيب أنه اكتشف وأنتج دواء للضعف الجنسي وجربه على الناس ونحن نعلم مراحل اكتشاف دواء جديد وقنوات تسجيله وتجريبه.

والتدليس لم يقف عند دواء وغذاء ومعجون أسنان، بل شمل المباني وقطع الغيار والعطور والملابس والمياه.

لذا فإنني أقترح أن يكون ثمة هيئة أو جمعية تطوعية من أهل الاختصاص في كل مجال مهمتها تصحيح المعلومات والحماية من التدليس بتوفير المعلومة العلمية الصحيحة الثابتة والمثبتة بالأبحاث المنشورة المحكمة علمياً والرد على كل معلومة مضللة.

إن كل معلومة لا تستند إلى دليل علمي ثابت ومنشور في مجلة علمية وخاضع لمراجعة المحكمين وتم إقراره ببرهان لا لبس فيه، هي تدليس.