ما الذي يجعل المنظمة بيئة جاذبة منتجة خالية من النزاعات أو يجعلها عكس ذلك؟ ما الذي يجعل المنظمة تحتفظ بالموظفين المميزين؟ ما الذي يجعل صورتها الذهنية في المجتمع صورة جميلة، ويجعل اسمها عنواناً للجودة والمصداقية؟ إنها بيئة العمل الإيجابية، هذه البيئة لا تشترى، هي فكر إداري ينتقل من التنظير إلى التطبيق.

من أهم مقومات بيئة العمل الإيجابية وجود ثقافة للمنظمة تتضمن القيم الأخلاقية والمهنية يستوعبها الجميع وتنعكس على أدائهم وسلوكهم. ومن أهم مقومات هذه الثقافة ممارسة العدالة في توزيع المسؤوليات وفي فرص التدريب والتطوير. ومنها مبدأ الشفافية منعاً للإشاعات، وتعزيز مبدأ العمل الجماعي لتعزيز العلاقات المهنية، ومنها مبدأ التنسيق منعاً للخلافات والازدواجية، ومنها الأنشطة والفعاليات غير الرسمية لتعزيز العلاقات الإنسانية.

تستطيع الإدارة توفير مكونات بيئة العمل المادية، المبنى الجميل، الأجهزة الحديثة، المكاتب الفخمة، الخدمات المساندة، وكل ذلك مهم ويوفر ظروفاً مريحة وإيجابية ولكنها غير كافية بدون العوامل المعنوية والجوانب الإنسانية والمهارات الناعمة وفي مقدمتها مهارات الاتصال والتقدير والاحترام والمساندة والاستثمار الإيجابي لاختلاف الآراء بما يخدم الأهداف العامة.

بيئة العمل هي العنصر الأهم في تقييم أداء القيادات الإدارية، النجاح المؤقت لا يقاس عليه، استمرارية النجاح هي المعيار الحقيقي للتقييم. لا يمكن اعتبار القيادي الإداري ناجحاً إذا كانت بيئة العمل بيئة سلبية، البيئة الإيجابية هي نتاج قيادة ذات فكر إيجابي استراتيجي يحقق التوازن بين أهداف المنظمة وأهداف الأفراد. فكر يتيح فرص المشاركة والتقدم للجميع، لا يحصر فرص النجاح على فرد أو أفراد، يحترم ويقدر كل العاملين في كل المواقع الوظيفية بصرف النظر عن طبيعة العمل. في بيئة العمل الإيجابية كل الأعمال مهمة وكل الأفراد مهمون، وهذا التفكير هو أحد العوامل المهمة المؤثرة في نجاح المنظمات.

بيئة العمل لا تقيم من الداخل فقط، المجتمع مقيم غير رسمي يملك قوة الأدوات وقوة التأثير. وإذا كانت بيئة العمل هي المشكلة فإن الحلول المنظرة شاملة واستراتيجية.