بعد مرور ما يزيد على التسعة أشهر الصعاب العجاف على أحداث السابع من أكتوبر 2023، يخطر ببالي سؤال وكثيراً ما يشغلني البحث عن حقيقة ما حدث، وما هو مستمر حتى ساعتنا هذه، ماذا فعل الشعب الفلسطيني حتى يُبتلى بهذه النكبات كلها منذ العام 1917، ووعد بلفور المشؤوم، مروراً بمذابح دير يونس وكفر قاسم وغيرها، ومذابح صبرا وشاتيلا، والوصول إلى ما حدث من أحداث بواسطة الدرّاجات النارية والأسلحة البسيطة نتج عنه دمار شامل وكامل للبنية التحتية لغزة واستشهاد ما يزيد على الأربعين ألف شهيد بين رضيع وعجوز وامرأة، هذه المعمعة والخسارة التي دخلنا فيها من المسؤول عنها شرعاً وقانوناً؟

في بداية الأحداث ظهرت أبواق تصفّق وتنادي بالجهاد من أجل تحرير الأقصى وهم في غير محلٍ من المسؤولية للنداء بمثل هذا النداء، وفي المقابل خرج البعض من العلماء والمفكرين بعكس ما ينادي به هؤلاء المطبلون للجهة المصرّة على استمرار القتال والزج بالأبرياء لتحمل ويلات القصف والجوع والضياع، حيث اتهمت هذه العقول العادلة بالخيانة والتخاذل وعدم نصرة المقاتلين.

وكانت الحقيقة بعكس ما يقوله المؤزمون الذين أشعلوا نار الحرب دون رؤية ولا دراسة ولا حتى تخطيط سليم بحسب ما ذكرت الآية «وأَعِدُّوا لهم» والإعداد هنا يشمل الإبرة إلى الصاروخ وكل ضروريات الحياة حتى لا يتعرّض الشعب العربي المسلم الفلسطيني إلى ما هو عليه الآن من ذل ومهانة وتشريد.

اليوم، وبعد مرور هذا الوقت انكشفت الحقيقة وثبت عدم صحة قرار إشعال نيران الذي اتخذه البعض من المكون الفلسطيني يوم 7 أكتوبر 2023، ويزيدنا إلحاحاً على طرح هذا السؤال، مَن المسؤول عما حدث للشعب الفلسطيني ومن يستطيع أن يتحمّل عبء هذه المسؤولية؟ المهم يوم الوقوف أمام الله سبحانه وتعالى، هل الذين شجّعوا وأمروا وحثوا على ما حصل باسم الدين الحنيف وتحرير الأقصى ولا أعتقد أن المسؤولية تقع على العقلاء الذين كانوا ينصحون قيادات تلك الجماعات بعدم الاستمرار في هذا الطريق الذي أوله معروف وآخره مجهول، وألا يعطوا الاحتلال الصهيوني شهادة إبراء للذمة من سكب الدماء البريئة أمام العالم وما يفعلونه بالشعب الفلسطيني الأعزل الذي لا حول له ولا قوة بعد أن فتحت الميليشيات المسلحة أبواب جهنم وأعطت الصهاينة حق القول إنهم يكافحون الإرهاب ويدافعون عن أنفسهم عذراً مقبول عالمياً ودولياً وأظهرت المقاومة الفلسطينية وتاريخها منذ أربعينات القرن الماضي مرتدية ثوب الإرهاب؟

فهل آن الأوان لكلمة حق عادلة من تلك العقول التي رأت وفشلت في ما رأت والانسحاب من الساحة على الأقل في الوقت الحاضر وفتح الباب أمام عقلاء الأمة العربية لتضميد الجرح العربي النازف من يوم السابع من أكتوبر 2023، سؤال يريد الحزم؟