كثير من القيم في حياتنا مكتسبة وليست وراثية، بمعنى أنها لا تولد معنا، وإنما نكتسبها بالمعرفة والتعليم. قيم كالجدية في العمل والمثابرة والاجتهاد والثقة في النفس، وغيرها كثير، تأتي بالتعلم والتدريب والتعود.

وعندما تشاهد شخصاً يتمتع بخصلة من هذه الخصال كالثقة في النفس، فعلم أنه اكتسبها بتطوير نفسه وتنمية معارفه والارتقاء والإقدام، إلا أن هناك مشاعر وقيماً لا يمكن اكتسابها بالتعلم والتدريب، بل تأتي عفوية وبطريقة غير إرادية، بمعنى لا قرار لك فيها، ولعل من أهمها وأوضحها وأقواها الحب.

وغني عن القول إنه تم وضع العشرات من التعريفات لهذه القيمة الإنسانية، منها أنه شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما. ويعتبره البعض أنه كالكيمياء المتبادلة تنشأ وتنمو بين اثنين. لكن لا يمكن أن يحدث هذا الوهج دون أن يقوم الجسم بإفراز هرمون يسمى علمياً بالأوكسيتوسين والذي عرف على نطاق واسع بـ«هرمون المحبين».

وبالحديث عن القيم الإنسانية التي تتلبسنا دون أن يكون لنا أي قرار في قدومها، ينصح أحد الشعراء المحبين بقوله: «عندما تجد من تحب ارتمِ في أحضانه وحافظ عليه بقوة الحياة أو بقوة الحب لأن الحياة هي الحب وبدون حب لا حياة».

أما القيم التي يمكن أن نكتسبها وننميها داخل أنفسنا، وقد تساعدنا في التغلب على كثير من صعاب الحياة التي تواجهنا والتي عادة يكسوها القسوة، ولعل من هذه القيم التسامح، العفو، العطاء، وقيم تتعلق بالإخلاص والأمانة، ومنها أيضاً الاحترام، هذه القيمة التي يخيل إليك أحياناً أنها اندثرت، بل تفاجأ عندما تجد بعض المراهقين يتمتعون بها، فتكيل المديح لأسرهم التي تربوا فيها، لأنه واضح أنهم تمتعوا بتربية قويمة انعكست على احترامهم للآخرين.

فكم بتنا في هذا الزمن نحتاج لمثل هذه القيم الإنسانية، خاصة تلك التي تأتي بالتعليم والتربية، كم نحن في أمس الحاجة لنشرها وتعميمها والحديث عن فوائدها وخصالها، لعل يكون هناك أكبر قدر من الناس يتوجه لها ويحاول اكتسابها، فضلاً عن قيم الإخلاص والجدية والأمانة والتي لا يخفى أثرها في تطور أي مجتمع وتقدمه.