أتمنى من كل قلبي أن يقرأ كبار مسؤولي الدولة والمعنيين، كل سطر ورد في رسالة وصلتني من شباب كويتي من الجنسين، من أصحاب الأعمال، لعل وعسى ان يتلمسوا معاناتهم.

تقول الرسالة:

كمواطنين كويتيين فخورين بكل ما تقدمه لنا بلادنا من فرص عمل، وما توفره لنا من دعم. منذ سنوات حظينا بفرص إدارة مشاريع مختلفة في مجالات متعددة. وقد بدأت رحلة معظمنا كرواد أعمال، وذلك انطلاقا من حبنا وتقديرنا لبلدنا الكويت وأهلها. زبائننا نسبة عالية منهم من الكويتيين، ونجاحنا هو دليل على ثقتهم بنا وولائهم.

نحن ممتنون جداً لفِرَق العمل عندنا، وهم من جنسيات متعددة، الهند، الفلبين، سوريا، لبنان، بنغلادش، باكستان، نيبال، صربيا، وجنسيات اخرى، اضافة إلى كويتيين. معاً تغلبنا على التحديات، واحتفلنا بالنجاحات، كل بأسلوبه وطريقته، لكن طريق النجاح لم يكن دائماً سهلاً في الكويت، مثل أي مكان آخر في العالم.

رحلة الريادة ملأى بالتحديات، التحديات التي نواجهها نحن في الكويت فريدة من نوعها، خاصة عندما يتعلق الأمر أولاً، وبشكل أساسي، بعدم وضوح البيئة التجارية، التي تتحملها الدولة أو الجهة المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر، الى جانب تكاليف الايجار والتخزين العالية.

هذه العقبات تجعل من الصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة ان تنمو بسكل طبيعي، إلا إذا كبرت بشكل كبير، وهو ما يتطلب أعباء مالية كبيرة.

ان نيتنا في هذه الرسالة ليست النقد والتذمر والشكوى، بل تسليط الضوء على مدى الحاجة إلى التغيير الجاد والفاعل والسريع لبيئة العمل في الكويت إنقاذاً لما يمكن إنقاذه.

القوانين تتغير من فترة إلى أخرى، بل يومياً أحياناً، مما يضطرنا الى البدء من الصفر، رغم ان الصفر كان صعباً.

حبنا للكويت لا يتزعزع، والتزامنا بالحفاظ على أعمالنا وأموالنا داخل البلاد ثابت.

مصاريفنا من الإيجار إلى الرواتب والمواد الخام، تعود بالفائدة على الكويت بنسبة أقل من %20، مقارنة بمواردنا المستوردة من خارج البلاد.

مناشدتنا هي بالأساس من أجل تحسين بيئة العمل، ووضوح القوانين وترابطها وانسيابيتها، حتى نستطيع بعدها الاستمرار في مشاريعنا من دون خوف من الضغط المالي والتخزين والمساحات التجارية بأسعار معقولة، لأن هذه الأمور غاية بالضرورة والأهمية لاستمرار نمونا.

في الوقت الذي تزدهر فيه بعض الأعمال، فإن الأغلبية من فئة أصحاب المشاريع الكويتيين تعاني بصمت، لأنها غير قادرة على التعبير عن تحدياتها وعجزها في إيجاد جهة متفهمة، وعندها القرار لسماع كل وجهات النظر، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة والمريحة.

فريق ينتقل إلى مكان المشروع، ويقوم بدوره على أكمل وجه، ونفرح لانتهاء المشروع استعداداً لبدء العمل به، لنفاجأ بالفريق نفسه يعطي ملاحظات إضافية في زيارة لاحقة.

نحن الشباب الكويتي، أصحاب الأعمال والمشاريع الخاصة، نحتاج إلى حل يوازن بين السلامة والواقعية، بمعنى ان الحملات الأخيرة على سلامة المستودعات والمطابخ تستحق الثناء والشكر ايضاً، لكن يجب أن تكون مترافقة مع بدائل عملية وسريعة، لا تترك ثغرات في سوق العمل، من شأنها ان تحد من قدراته ونموه، وهو لا حول له ولا قوة.

القادمون إلى الكويت وفق القانون، يصلون إلى الكويت بأحلام كبيرة، بفرص عمل أفضل، يستحقون الاستقرار، إلا أن إنهاء أعمالهم من دون توفير بدائل لنا، يتركنا نحن أصحاب الأعمال وبشكل مفاجئ، من دون عمالة ماهرة وعادية أيضاً، مما يؤثر بشكل مباشر على سير أعمالنا.

نحن لسنا ضد تطبيق القانون وتصحيح الأوضاع، وهذا بحد ذاته يستحق الإشادة والتصفيق، ولكن أعمالنا تضطرب جداً من عنصر المفاجأة، الذي يمكن ان يخلي بيئة العمل من عناصر استمرار

الانتاج، من دون إعطاء مهلة للاستعداد لظروف العمل الجديدة، التي ستتخللها مصاعب، إلا أن الاستعداد لها والتفكير ببدائل متوافرة يمكن أن يقلّصا من تداعيات مثل هذه الإجراءات.

نؤمن بشدة بإمكانيات الكويت، ولا نرغب في نقل أعمالنا إلى أسواق أخرى أسهل في بيئة العمل، لأننا نحب وطننا، ولا نرغب بالعمل في سواه.

رسالتنا هذه نابعة من حبنا للكويت، ومن رغبتنا في رؤيتها تزدهر.

دعونا نعمل معاً لخلق بيئة، يمكن فيها لرواد الأعمال النجاح، وللأعمال بالنمو، وللاقتصاد الازدهار.

نقولها بكل أمانة وصدق، إن هذه الرسالة ما هي إلا مناشدة صادقة للمجتمع والسلطات المعنية، لإيجاد حلول عملية لدعم الأعمال، والحفاظ على روح الريادة عند الشباب في الكويت، التي كانت في يوم من الأيام رائدة العمل التجاري والتميز والإبداع.. وستستمر بمشيئة الله.

إقبال الأحمد