دون شك الأسرة مكون رئيسي في بناء المجتمع، وتتعرض لتهديدات، وتغيرات جسيمة، حيث نعيش تحولات اقتصادية ومعرفية واجتماعية بالغة لها تأثيرها في النمط الأسري وتكوينه ووظيفته. وكما هو معروف، فإن الأسرة تتكون من الأب والأم والأطفال، وقد يوجد ضمن هذه الأسرة الجد والجدة، إلا أنها في العصر الحديث، تقلصت، حتى شهدنا الأسرة التي تتكون من الأب وحده أو من الأم وحدها، وهذا النموذج أكثر وضوحاً في المجتمعات الغربية تحديداً، ولكنه متواجد أيضاً في باقي المجتمعات البشرية وإن بدرجات متفاوتة. في عام 2010 نشرت دراسة تحت عنوان: «الاتجاهات الديموغرافية في الولايات المتحدة: مراجعة للأبحاث في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين»، من تأليف: أندروج ج. شيرلين. الدراسة التي نشرت في مجلة: «الزواج والأسرة» Journal of Marriage and Family جاء فيها أنه قد ازدادت نسبة الأسر ذات الوالد وحده، في الولايات المتحدة من 11% في عام 1970 إلى 31% في عام 2010. ومن الأسباب زيادة نسب الطلاق التي بلغت حوالي 39% في عام، حسب تقرير صادر عن المركز الوطني للإحصاءات الصحية الأمريكي.
ودون شك أن الأطفال الذين يعيشون في أسر ذات والد وحده، أو أسر مفككة، يواجهون مشاكل سلوكية وعاطفية، أكثر من أقرانهم الذين يعيشون في أسر متماسكة تضم الأبوين. والأثر يصل حتى إلى البالغين، الذين يمرون بنفس التجربة عند طلاق الأبوين، والعيش في أسرة ذات والد وحده، حيث يعانون ضغوطاً نفسية واقتصادية. ولا ننسى الأثر الاقتصادي الذي له سطوة كبيرة على الأفراد والأسر والمجتمعات، حيث بين تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الأمريكي، بعنوان «ترتيبات معيشة الأطفال: 2019» أن الأسر ذات الوالد وحده تعاني معدلات فقر أعلى مقارنة بالأسر المكونة من الأبوين. وهناك تحديات أخرى لا تقل أهمية، تضرب التماسك الأسري، وتؤثر فيه ما قد يؤثر بالتالي في الأطفال ونموهم.
نحن، ولله الحمد، في مجتمع متماسك وقوي بالثوابت والقيم والثقافة المتأصلة من التعاون والترابط. وأيضاً لدينا مظلة من الرعاية الاجتماعية، لكن التحديات التي تواجه الأسر، في بقاع كثيرة من العالم، واضحة وماثلة.
ومن المهم مع مثل هذه التحديات، التنبه وحماية الأسر وزيادة الوعي بأهمية ترابطها وتماسكها، لما يعود على المجتمع بالفائدة والإيجابية، حاضراً ومستقبلاً.
www.shaimaalmarzooqi.com
التعليقات