شهد العالم في الأيام القليلة الماضية حدثين سخيفيّن. حدث استقبال الإرهابي نتنياهو في الكونغرس الأميركي، وتبعه بعد أيام حفل افتتاح أولمبياد باريس، وكان حفلاً مقززاً، خارجاً عن الذوق العام، وعبارة عن محاولة لنشر ثقافة الجنس الثالث من خلال النافذة الأولمبية، حيث يظهر رجل مؤنث قبيح يتسلم شعلة الافتتاح، بينما يبدأ حفل الافتتاح بأغان راقصة يقدمها رجل شبه عريان، وامرأة ملتحيّة، ومجموعة من الرجال والنساء بأشكال شيطانية، تتوسطهم امرأة سمينة وأمامهم طاولة، في مشهد يوحي إلى مناسبة العشاء الأخير للسيد المسيح، عليه السلام، ما أثار حفيظة المسيحيين الذين اعتبروه إهانة لدينهم، والكثيرون من غيرهم الذين احتجوا على سخافة الحفل، واعتبروه إهانة للذوق الإنساني، ومحاولة فاشلة لدمج مجتمع الجنس الثالث في المجتمعات الإنسانية العالمية.

وصلت المنظمين للحفل رسائل شديدة اللهجة، وقدموا اعتذارهم، وتم سحب فيديو الحفل الفرنسي السخيف من مواقع العرض، الأمر الذي يمثل ضربة موجعة لثقافة الانحطاط القيّمي الأوروبي.

أما حدث استقبال الإرهابي نتنياهو، فقد فاق حفل الأولمبياد سخافة. فقد استقبل الإرهابي المطلوب القبض عليه من قبل محكمة جرائم الحرب الدولية، بحفاوة بالغة منقطعة النظير، كشخص يتمتّع بعظمة لم يحظ بها رئيس أميركي سابق أو حالي، من قبل أعضاء الكونغرس الأميركي. ويتضح ذلك جلياً بطريقة التصفيق الحار وقوفاً، والذي لم ينقطع أثناء خطابه الذي دام قرابة الساعة، فيما يشاهد رئيس مجلس النواب (الصهيوني) مايك جونسون، وهو يقود عملية التصفيق من خلف الإرهابي نتنياهو، وكأنك تعيش في أجواء المشاهد السياسة المعتاد عليها في دول العالم الثالث.

وقد عبّر الكثير من المحللّين الأميركيين والمواطنين عن امتعاضهم لهذا المشهد المخجل، الذي وصل إليه حال الكونغرس الأميركي، الذي تحوّل من منظورهم إلى أداة صغيرة بيد الصهاينة المتنفذين في بلادهم، وفي خدمة مجرم الحرب نتنياهو، الذي جاء من أجل ردّ اعتباره المفقود، بعد أن تعرّض لحملات من التنديد العالمي الشديد على ما يرتكبه من جرائم حرب إبادة لسكان غزة المحاصرين، وبعد أن شعر بعزلة خانقة من قبل أفراد كيانه الذين يتظاهرون يومياً ضده، و يطالبون بعزله كشخص فاسد تلاحقه تهم بالفساد، أو من أولئك الذين يطالبونه بالتوقف عن المماطلة والموافقة على عقد صفقة مع «حماس» لوقف الحرب وإطلاق سراح أسراهم، الذين يتعرضون للقتل على أيدي جيشهم الصهيوني المجنون.

لا يحتاج الإرهابي البولندي نتنياهو، القدوم إلى الولايات المتحدة كي يطلب الدعم العسكري والاقتصادي، فهذا أمر مفروغ منه. لكن أن يأتي لكي يطلب من أعضاء الكونغرس أن يستقبلوه ويصفقوا له أمام الشعب الأميركي بهذه الحفاوة المتكلّفة، فهذه قمة السخافة، التي يتحوّل فيها الكونغرس إلى فرقة تصفيق.