حمد الحمد
كان يتردد على ديواننا بين حين وآخر، وعمله «ملّاك» بمعنى موثّق زواج، أمس تحدّثت معه، ولكن مزاجه لم يكن عال العال وأردت أن أعرف السبب، وصاح قائلاً: «حنا على طمام المرحوم، يا أبا عبدالمحسن، وجيراننا أهل الخليج دخلوا عهد الذكاء الاصطناعي وجماعتنا مازالوا يسألون (الفتوى والتشريع) هل تجوز البصمة في عقود الزواج»، قلت له «اذكر الله... وقل ما هي الصعوبات التي تواجهها كموثق»؟، قال أكتب قلت «أخرج ما في قلبك»، قال «هذا غيض من فيض» بمعنى قليل من كثير، اكتب وكتبنا:
أولاً: الأصعب أن المعاملات ما زالت لدينا كلها ورقية ونماذج أكل عليها الدهر وشرب، وتوقيع الحضور من ولي أمر والشهود والعريس، وخط الموثق غالباً غير واضح، وعليه أن يُعاد كتابة النموذج، والعريس لابد أن يذهب لجهات ليوثق العقد بنفسه.
ثانياً: يجوز لي كموثق أن أوثق القِران في بيت المواطن، لكن بالنسبة للعربي لا يجوز، وعليه أن يعقد القِران بالمحاكم ويسحب العريس والعروس والشهود وكل القبيلة معه، أنا كموثق لا أمانع أن أذهب إلى بيوت وشقق إخواننا العرب وغيرهم، وهنا لماذا نسحب البشر بلا معنى للمحاكم ويشغلون المكان؟... لا أعرف.
ثالثاً: العريس الكويتي لا بد أن يذهب للتأمينات ويصدر شهادة أنه ليس بطالب وليس متقاعداً، حتى نثبت أنه ليس عسكرياً، ألا يمكن للموثق أن يتواصل مع الجهات آلياً بنفسه؟.
رابعاً: بعض العرب المُغتربين أو غير العرب يصل للكويت للاقتران بقريبة أو ببنت عربية أو غيرها، هنا القانون يشترط عليه أن يقدم بطاقة مدنية كويتية، لكن كيف وهو زائر ولا إقامة لديه، وهنا يفشل إتمام الزواج لينتقل إلى دولة خليجية أخرى ويجد الحل أو ينتهي حلم الزواج، بينما الخليجي يضطر أن يحصل على شهادة، وبالتالي يستخرج بطاقة مدنية ليتم الزواج، بمعنى عنوان وهمي... لماذا هذا التعقيد؟
خامساً: الموثق في حالات يرفض أن يعقد قران مواطن على بنت عربية تبدو ساحرة!، ويطلب المواطن من الموثق أن يُسجل المؤخر 100 ألف دينار غير المهر، أو أن العروس شكلاً بسمعة «الله يعلم»، ويشتكي المواطن للسلطات من عدم عقد القِران، ولكن يُلزم الموثق من جهات رسمية بعقد القران لأن لا شيء في صحيح القانون يُحدد المؤخر أو السمعة.
تلك بعض الصعوبات، بينما صاحبنا يؤكد أن إخواننا في الخليج الموثق معه لاب توب، ويجلس أمام ولي أمر البنت والبنت والعريس، وما إن يضع الرقم المدني لأصحاب الشأن، حتى تظهر أمامه كل المعلومات، حتى صورهم ونتيجة الفحص الطبي، وبعدها يبصم ولي الأمر والبنت والعريس وانتهى الأمر، والعقد يتحول آلياً إلى كل الجهات المعنية، ويصل إلى (واتس اب) العريس أو ايميله معتمداً، وكفى اللهُ المُؤمنين القتال.
نتمنى أن تصل رسالة صاحبنا العزيز الذي ملّ وهو يناشد السلطات، لكن لا مجيب، وفي هذا السياق قبل سنوات عدة كان لي مُعاملة في قصر العدل بالرقعي، إلا أشاهد شاباً سورياً يتجول في الممرات في حيرة، واقترب مني وقال «هل ممكن أن تكون شاهداً على عقد قراني»؟ وافقت، وفرح وأخذني إلى مكتب ووجدت كل القبيلة... والد العروس، والد العريس والأم والعروس، وشهدتُ ووقّعتُ، وأخذني المعرس ووالده بالأحضان لأني أنقذت الموقف، السؤال لماذا نحرج إخواننا العرب وغيرهم ونسحبهم للمحاكم وهي مُزدحمة بالأصل، وهناك في صالات الأفراح غرف يمكن عقد القِران بها إن لم يكن في منازلهم، أو حتى في مصليات النساء الفارغة في المساجد بعد الصلوات.
صحيح «ما زلنا على طمام المرحوم»... نتمنى أن تصل الرسالة وندخل عهداً جديداً كجيراننا، نتمنى.
التعليقات