عثمان بن حمد أباالخيل

تمون عليَّ، تراني أمون، من يمون عليه، فلان يمون على فلان، من باب الميانة، عاميَّةُ الاستعمال بمعنى رفع الكلفة مع من تحب المحبة التي ليس وراءها مصلحة، فهي محبة مبنية على الاحترام والثقة والمزيد من تصريفات لهجتنا العامية التي نعتز بمفرداتها وعباراتها وهذه الألفاظ تستخدم في كافة شرائح المجتمع. تري هل للميانة حدود؟ أم هناك خطوط حمراء في الميانة؟ الإجابات كثيرة ومختلفة بعضها مقنع والبعض الآخر غير مقنع. في قاموس المعاني للكلمة معان كثيرة لكنني أكتب عن كلمة يمون.

الميانة بين إنسانين معناها الميانة المطلقة وهذه الميانة لمْ تأت بيوم وليلة لكن عبر سنوات طويلة من العلاقات الإنسانية والاجتماعية والنسب والصداقة وهي خالية من المصلحة الشخصية، فعندما تمون على إنسان فإنه يفتح صدره ويتفهم طلبك ويلبيه، وإذا أخطأت في حقة أو بدا أمر ما لم يعجبه فهذا من باب الميانة. صديقي حزّ في نفسه ما حدث من كان يعتقد أنه يمون عليه أقام الدنيا ولمْ يقعدها حين هفا قدّم الاعتذار وابدى كل طرق الأسف لكن الطرف الآخر لمْ يقمْ للميانة أي اعتبار. «الميانة الزائدة» لا تمنحها إلا في حدود ضيقة جداً وإن استطعت ألا تمنحها لأي أحد فذلك أفضل وأجمل وبعيد عن أبواب مغلقة فكيف تفتحها. في وقتنا الحالي أصبحت الميانة تأخذ منحي آخر تتغطي عليه النظرة المادية والمصلحة الشخصية التي في أحيان كثيرة تعكر صفو العلاقات الإنسانية. الميانة كما يمارسها بعضهم ضرب من الفوضى والاستغلال وأحياناً تُوضع في موقف حين يقال لك: هذا من باب الميانة، أرى ذلك ليس من باب الميانة، بل من باب وضع من يهمك ظاهرياً في موقف استغلال. من باب الميانة ارتكبت الأخطاء وتعددت صور الألم، من باب الميانة ضاعت مهابة من يعزون عليك، من باب الميانة أصبح هناك من يقلّد الآخرين، من باب الميانة ترتكب الأخطاء.

أحقاً هناك خطوط حمراء علينا ألا نتجاوزها مع من نمون عليهم أم إن مفهوم الميانة تطور مع التقلبات الاجتماعية. (يوم راح اللي على قلبي يمون ... إبتدا مشوار حزني والضياع). قصص الميانة يزخر بها واقعنا الاجتماعي الذي هو جزء من المورث الذي نعتز به. مؤلمْ أن تتفاجأ مع إنسان تمون عليه أن يمضي بعيداً ويتركك تتساءل أين الميانة حين بدأت تسخر وتقلّل من قيمته في كل مناسبة وفي معظم المجالس هذه ليست ميانة هذه إهانة.

أحقاً الميانة لمْ تعد موجودة أم أنها موجودة لكنها في حالة انحسار أو انصهار ربما أكون مبالغاً، ترى أهذا هو الواقع أم أن الواقع جميل ولا تزال الميانة موجودة لكنها في نطاق ضيق. أتمنى أن تغرس الميانة في بستان مجتمعنا الذي نعتز ونفتخر بقيمه وتقاليده وعاداته لكن دون تجريح أو السعي للوصول إلى أهداف شخصية من باب الميانة.