سمر المقرن

ما زالت إحصائيات الطلاق تتزايد، والأرقام تتضاعف، وهذا ما يجعلني أطرح سؤالاً جوهرياً:

ما الذي يؤدي إلى فشل الزواج ليصل الزوجان إلى بحيرة سمك جف غديره ويتأهب للوقوع في شباك الصياد وينتهي بالطلاق لا قدر الله.

المشكلة ليست في الزواج نفسه الذي يعيش فيه الطرفان حياة قوامها المودة والرحمة، ولكن في خلل أحد أركانه الأساسية التي يبنى عليها، المتمثلة في حفظ الكرامة والستر فالله ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، وأي مشكلة في العالم إذا تدخل فيها طرف ثالث لا سيما الحياة الزوجية قد تصبح مثل سكب الوقود على النار فتزداد اشتعالاً، وإذا وضع كلا الزوجين في حسبانه أن كليهما أفضى إلى الآخر أي اطلع على عورته فهذه لها ثمن كبير جداً، فكل منهما ستر على الآخر. ومن ثم فعلى كل طرف منهما أن يتغاضى عن عيوب شريكه المحتملة والمتوقعة فالكمال لله -عز وجل- وحده، وعلى كل واحد منهما أن يؤدي حق شريكه ويسعى لإسعاده وأن يتنازل كل طرف للآخر بشكل متوازن، هنا سوف تسير مركب الحياة الزوجية وتصل إلى بر الأمان حتى آخر العمر.

مقومات الزواج السعيد ليست صعبة، وأركانه واضحة أهمها اليقين بأن الحياة الزوجية ليست حرباً، أو كما يقول أحدهم «تهكماً»: إن الزواج هو الحالة التي ينام فيها أحد الزوجين بجوار العدو! فهما ليسا أعداء وإنما يكمل أحدهما الآخر.

أضف إلى ذلك، وجوب أن يكون التقدير والاحترام المتبادل بين الطرفين هو سيد الموقف، والزواج الناجح عامة يجب أن يكون فيه التقارب بين الزوجين في النواحي النفسية والعقلية والاقتصادية، يظللهما الحب، فالحب وحده لا يكفي لتدعيم الحياة الزوجية وسيادة المودة بين الزوجين هي التي تعين الشريكين على تخطي مصاعب الحياة، وتجعل جو الأسرة أكثر أمناً ودفئاً.

بالطبع، هذا كلّه ينعكس على الأبناء ونشأتهم في مناخ صحي عنوانه «الرحمة» فهي الضلع الأكبر في نجاح الزواج، فهي التي تجعل الزوج لا يكلف زوجته ما لا تطيق وتجعل الزوجة لا تحمل زوجها ما يفوق قدراته.

وأخيراً، فإن المكاشفة والمصارحة والصبر الجميل خاصة في بداية الزواج وهي الفترة التي يكتشف كل طرف حقيقة صفات الطرف الآخر وقد يُصدم ببعضها، هي المركب التي يعبر بها الزوجان إلى استمرارية الزواج ونجاحه.

بقي لي التذكير بأهمية أن يظل الزوجان على التعامل كعاشقين وليس كزوجين مع نشر ثقافة الكلمة الحلوة بينهما دائماً وتقدير كل طرف للآخر، بحيث لا يشعر الآخر أنه امتلكه! وفي اعتقادي الشخصي أنه كلما ارتفع سن الزواج يكون كل طرف قد اكتمل نضجه النفسي والفكري وحتى المشاعري.