يوسف أبو لوز
يلاحظ المتابع للحياة الأدبية والفنية والفكرية في الإمارات حيوية النشاط الثقافي في الفجيرة منذ سنوات وإلى اليوم، وذلك ضمن تصاعد نوعي احترافي في البرامج والأنشطة والفعاليات. ولنأخذ أولاً الشعر، ففي مطلع فبراير/ شباط الماضي تم إطلاق «دارة الشعر العربي» في الفجيرة بتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، ويعرف كل مثقف إماراتي وعربي مكانة «ديوان العرب» في الإمارات، وارتباطه التاريخي والثقافي باللغة العربية التي تحظى باهتمام يومي كبير في الدولة.
في الفجيرة، كما في الإمارات بشكل عام، شعراء فصحى، وشعراء نبط، هم أعلام وروّاد وكبار في فن الشعر، الفن المرتبط بقوّة بذاكرة أهل البلاد، وقد كان آباء الشعراء الشباب شعراء، وأجدادهم شعراء، وسوف تستمر دورة حياة الشعر، التي هي حياة اللغة العربية نحو آفاق إبداعية دائماً جديدة وإيجابية.
في العام 2003 أطلقت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام «مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما» وهو فن مسرحي عالمي أجاد فيه مسرحيون إماراتيون وعرب، واستطاع المهرجان بنجاحاته وانتظامه الدوري تعميق مفاهيم ومصطلحات فن المونودراما في الوسط المسرحي الإماراتي، وفي الوسط المجتمعي الذي تابع عروض المهرجان.
في العام الماضي، أعلنت أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة إطلاق «فريق الفجيرة للتصوير الفوتوغرافي». والفوتوغراف، إن أمكن القول، هو شقيق الرسم بالزيت والماء، أي بكلمة بسيطة، يلتقي الفوتوغرافي مع التشكيلي في إبداع الصورة التي تصبح تاريخاً وذاكرة، وهي ثقافة بصرية وجمالية وفكرية يحققها فريق التصوير الفوتوغرافي بالخبرة والممارسة والانتظام.
الفلسفة، أيضاً، تلتقي مع الفن والفكر والأدب. «بيت الفلسفة في الفجيرة»، وفي خلال ثلاثة أعوام، جمع في ملتقياته الفلسفية نخبة مثقفة فكرية ونقدية من بلدان عربية فيها أساتذة ومعلّمون ومفكرون ممتلئون بالحياة والجمال والرؤية التي تخدم الإنسان، وتساعده على أن يكون أكثر جمالاً وأخلاقاً وطيبة بشرية صحية..
بيت الفلسفة في الفجيرة بيت للمعرفة، وبيت تلاقي وتجاور الأفكار والعقول والأرواح الكبيرة العظيمة.
الفلسفة ليست رفاهية عقلية أو ثقافية كما قد يعتبرها المستعجلون الماديون، النفعيون، الذين يطفون عادة حتى على سطح المياه الضحلة، بل الفلسفة عمق وارتفاع، الفلسفة أفق وصعود، والفلسفة تربية هادئة بطيئة تحوّل البشر بالتدريج من حيوان ناطق، إلى إنسان مفكّر.
شكراً للشعر، والصورة، والمسرح، والفلسفة. شكراً للثقافة التي تربي إنساناً لا يجرح، ولا يؤذي، ولا يمتلئ قلبه بالشرّ.
التعليقات