راشد الحمادي

التعامل مع الناس فن وذكاء وصبر وحسن تواصل، ويا للأسف بعض المديرين في الوظيفة قد يتضايقون من سلوكيات موظفيهم، وخاصة عندما يسود التذمر والإحباط وربما الشكوى، ولكن ماذا عن الموظفين الصعبي المراس؟ أولئك الذين يُجيدون فن النقد، ولا يعجبهم شيء، وتجدهم في حالة عدم رضا بشكل دائم، وغضب وهياج وزعل؛ لأنهم يشعرون بأن كلامهم لا قيمة له، ولا يهتم أحد بنقدهم ولا نصائحهم ولا حتى ملاحظاتهم وأفكارهم ومقترحاتهم، بل هؤلاء تجدهم في الاجتماعات يعارضون ويتحدثون بشكل هجومي، وأحياناً قد يبالغون في رد أفعالهم.

إن هذه النوعية من الموظفين تعتبر مكسباً إذا عرف المدير كيف يمكن استغلالها والاستفادة منها، فالموظف الناقد، رغم أنه لاذع في النقد وكثير الملاحظات، فإنه يتمتع بعقل منفتح وينظر إلى الأمور من زاوية مختلفة وبعيدة تماماً عن الطريقة التي ينظر وفقها الكثير من الموظفين، ولكن العيب في هؤلاء أحياناً أنك تجدهم مندفعين، يتحدثون دون رؤية واضحة، لذلك على المدير أن يدرس محدثه ويفهم شخصيته، ثم يحاول أن يتماشى مع نمطه وأسلوبه حتى يستطيع التواصل معه، وذلك لفائدة العمل، دون أي حساسيات أو ضغوط على الآخرين، ودون حتى تفضيل لهذا الموظف على أقرانه.

الذي يفترض أن يحدث مع الموظف الناقد أن يتم الاستماع إلى وجهات نظره وأخذ المفيد منها، بل تشجيعه على المزيد من النقد الموضوعي البناء، ولا ننسَ أن الابتسامة لها دور كبير في تذليل العقبات والوصول إلى قلوب الناس، أهل الصين يقولون: «من لا يقدر على رسم الابتسامة على شفتيه لا يجب أن يفتتح متجراً». إن الابتسامة لها سحر كبير في كسب القلوب والتأثير فيها، فلا تغفلها أبداً. كن شخصاً إيجابياً، فإذا تحدّث عن السلبيات والإحباطات والعقبات فحاول أنت أن تتحدث عن الإيجابيات، كن متفائلاً، وتقبّل وجهات النظر دون تعصب أو تصلب في الرأي، ولا تحاول تغيير سلوكه، بل حاول التركيز على الاتصال والتواصل معه بالاستماع والمشاهدة، وربما إعطاء المشورة أو التنفيس عن مشاعره. الهدف الرئيسي هو معرفة ما يريده، كما لا تنس أنه يحتاج منك إلى الإنصات، ولا بد أن تتحلى بالصبر وتُبقي الباب مفتوحاً له ولغيره حتى يمكنك التعاون معه. الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: «أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به»، ويقول لنكولن: «قطرة واحدة من العسل تصيد الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم».

لذلك إن رغبت في أن يعاملك الناس بالرفق واللين والمحبة فاترك الغضب والعنف وتعامل معهم بكل إيجابية.