سلطان ابراهيم الخلف
قال تعالى:«من المُؤمنين رجالٌ صَدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر وما بدّلوا تبديلا». (الأحزاب 23).
اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» المجاهد إسماعيل هنية، في طهران منذ أيام، وتدور الشبهات حول تورّط الصهاينة في اغتياله، رغم عدم إعلانهم عن مسؤوليتهم في حادث الاغتيال.
لم يكن هنيّة أول شخصية جهادية فلسطينية تتعرّض للاغتيال على أيدي الصهاينة. فقد اغتيل مؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين في 2004، وبعض قادتها من أمثال عبدالعزيز الرنتيسي، وصالح العاروري، ونزار ريان وإبراهيم المقادمة وآخرين، رحمهم الله. وفي حرب الإبادة الحالية التي يشنها الصهاينة على غزة، قتل الصهاينة ثلاثة من أبناء هنيّة، حازم وأمير ومحمد، كما فقد هنية خمسة من حفيداته وأحد أحفاده، ليرحمهم الله جميعاً.
لم يفت ذلك في ساعد المجاهد هنيّة، فقد احتسبهم جميعاً عند الله، ليكمل مسيرته الجهادية في مقارعة الصهاينة، أعداء العرب والمسلمين والإنسانية حتى ساعة اغتياله، نسأل الله أن يتقبله في زمرة عباده الشهداء.
وكالعادة، اتخذ الصهاينة من حادث اغتيال هنية مناسبة لاستعراض قوتهم، وطول ذراعهم في الوصول إلى أماكن تواجد قادة المقاومة الفلسطينية خارج فلسطين المحتلة. لكن ذلك لن يغيّر من حقيقة الواقع المرير الذي يعيشه زعامات الصهاينة وعلى رأسهم رئيس وزرائهم الإرهابي نتنياهو، الذي لم يفلح في تقديم شيء يستطيع من خلاله تغيير قناعات الأعداد الكبيرة من الصهاينة الذين يطالبون بإقالته، أو أولئك الذين لا يزالون يتظاهرون يطالبونه بقبول اتفاقية وقف الحرب مع «حماس»، وإعادة الأسرى، وهي من الكوابيس التي تلاحقه في الداخل، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من المستوطنين وهم عشرات الألوف الذين هجروا مستوطناتهم القريبة من غزة وشمال فلسطين، واستقروا مشردين في الداخل بعيداً عن مناطق الاحتكاك العسكري المباشر، منتظرين دون جدوى عودتهم إلى مستوطناتهم الخاوية على عروشها.
وكما هو واضح من أن تنفيذ نتنياهو لعمليات الاغتيال الخارجي، أو قصف ميناء الحديدة اليمني البعيد، يعكس شعور الإحباط الذي يتملكه، حيث لم يحقّق حتى الآن أي انتصار على المقاومة داخل غزة، فيسعى جاهداً إلى افتعال حرب إقليمية يورّط فيها الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانبه، وإطالة أمد الحرب التي يعتبرها ملاذه الأخير من القضاء الذي يطارده بتهم الفساد، واستغلال منصبه لمصالحه الشخصية.
رحم الله، إسماعيل هنية، ورفاقه المجاهدين في ثباتهم وقوة عزيمتهم. كانوا شوكة في خاصرة الصهاينة المحتلين، مزّقت وحدتهم المزيّفة، ودقت إسفين الانشقاق بين أفراد عصابة حكومتهم. كانوا سبباً للمرة الأولى في فضح جرائم الصهاينة أمام العالم، وفي ملاحقة قادتهم مثل نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، كمجرمي حرب مطلوبين لمحكمة جرائم الحرب الدولية.
التعليقات