ثلثا سكان الكويت، على الأقل، من غير المواطنين، وعدد محدود جداً من هؤلاء يعيشون في بيوت ملك، ومع هذا تعتبر البنايات السكنية، مع غياب القوانين، التي تنظّم إدارتها وصيانتها، جهة لا تعرف أجهزة الدولة، وخصوصاً الأمنية والبيئية منها، ما يجري فيها، حتى مع صدور التعديلات الأخيرة، الضرورية، على عقود إيجارها، حيث نجد، غالباً، أن ملّاك أغلبية العمارات، سوء كانوا أفراداً أو شركات عقارية، لا يعرفون عنها شيئاً، طالما أن الإيجار مستمر في التدفق، وهنا يصبح الحارس هو المتحكّم في البناية، وإن كان ذكياً، ولديه دقة ملاحظة، ويعرف مداخل البناية ومخارجها، فإن بإمكانه الاستفادة من الوضع بطريقة ما، خصوصاً في من له الحق بدخولها، وماذا يجري في سراديبها، أو على أسطحها. أما مستأجرو وحدات البناية فليس لهم صوت ولا أهمية في ما يجري بها من مخالفات.

وجود قوانين تنظّم العلاقة بين ملّاك الشقق في أية عمارة، وبين الدولة، وبين المستأجرين، وبين بعضهم البعض، أمر في غاية الأهمية، وهذا ما تتبعه كل دول العالم، فما حكم من يضع جزءاً من فرش بيته أو دراجاته على درجات سلم الطوارئ، ويغلق مهارب النجاة عند وقوع الكوارث؟ وماذا لو رفض أحد السكان، أو ملّاك الشقق، وأعدادهم من المواطنين بازدياد كبير، المشاركة في إصلاح مجاري البناية الطافحة، أو المصعد المعطّل، وغير ذلك من أمور؟

لقد حاول النائب السابق أحمد الفضل إقرار مثل هذه القوانين الضرورية، لكن يبدو أن ترك الوضع على حاله أفضل للبعض، بالرغم من أن التعديلات الأخيرة على قانون إيجار العقار، اختصرت على مالك العقار إجراءات التقاضي العديدة، التي كان يلجأ إليها بهدف إثبات مستحقاته الإيجارية على المستأجر، مع تذييل العقد بالصيغة التنفيذية، مما يعفي صاحب العقار من إجراءات التقاضي الطويلة لتحصيل مستحقاته الإيجارية المتأخرة، إضافة إلى التخفيف من تراكم قضايا الإيجارات لدى المحاكم، فإن الأمر يتطلب تعديلات أخرى، مثل تفعيل التقاضي الإلكتروني، وإيجاد مخرج لحضور طرفي عقد الإيجار لدى الموثّق، وعدم مراعاة ظروف البعض عند فقد أعمالهم، أو إعسار المستأجر إن كان شركة، ودفعه لإعلان إفلاسه عند امتناعه عن دفع الأجرة. كما لم تتطرّق التعديلات إلى فرض عقد إيجار نموذجي، واحد للسكن الخاص، وآخر للعيون التجارية، يمكن استخدامه، كمسطرة، من قبل الجميع، كما لا يشمل التعديل مستأجري السكن الخاص.

كما كان واضحاً غياب «عقد إيجار إلكتروني موحّد» يخدم أغراضاً عدة، فهناك فوضى عارمة في عقود الإيجار، وبعضها تتضمن شروطاً غريبة. كما أن وجود العقد الموحد يساعد مختلف الجهات، كالبلدية والإطفاء في عمليات الحصر، والرقابة وتلافي المخالفات، ومنع التكدّس في الوحدة السكنية.

من جهة أخرى، يتزايد باطراد عدد المواطنين والمقيمين الراغبين في تملّك شقق سكنية، خاصة تلك التي تقع ضمن مشاريع كبيرة، أو خاصة بمن لا تسمح لهم أحوالهم المادية بشراء بيوت، أو لا يرغبون بالاستمرار في السكن في فيلا، لسبب أو آخر. ولكن غياب قانون «اتحاد الملّاك»، الذي ينظّم العلاقة بين مالكي شقق العمارة، ويحدّد مسؤولياتهم، وكيفية التصرّف إزاء من يتخلّف عن سداد ما عليه من مصاريف إدارة المبنى، يثبّط عزيمة الكثيرين منهم.

كما يعد تملّك الشقق السكنية محرّكاً أساسياً لسوق العقار، وعاملاً جاذباً لتوطين الثروات، واستقرار المستثمر الأجنبي، وعدم إخراج أمواله أولاً بأول، ولدينا مسودة جاهزة لهذا القانون، الذي سبق للنائب أحمد الفضل أن قدمه.

الإسراع في إقرار هذا القانون أصبح ضرورياً في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي السكنية، وأسعار مواد البناء وندرة الأيدي العاملة، ومشاكل البناء المعروفة. وقد استفادت دبي، وتستفيد السعودية اليوم كثيراً من وجود مثل هذه القوانين لديها. كما أن وجوده سيخفف كثيراً من أزمة السكن.

***

نهنّئ أنفسنا وقرّاء القبس «أونلاين» على الإنجاز الجميل، الذي حققه فريق القبس التقني IT في تطوير موقع الجريدة، حيث أصبح أكثر جاذبيةً، وأسهل تصفحاً.


أحمد الصراف