فاطمة المزروعي

كلما كانت جودة التعليم عالية ومميزة كانت مخرجاته أكثر مهارة وأكثر استعداداً لمواجهة تحديات الحياة والمستقبل، المدرسة ليست مجرد مبنى يضم الطلبة بل أصبح مكاناً مواكباً لتطورات الحياة الاجتماعية وما فيها من تغيرات مهمة تمس الجوانب الاجتماعية والنفسية في شخصية الطالب حتى يستطيع مواجهة تغيرات الحياة المستمرة، لذلك فالعملية مشتركة بين الأسرة والمجتمع في تحمل مسؤوليات التنشئة الاجتماعية للأفراد وإعدادهم لمواجهة الحياة.

تعنى المدرسة اليوم بالتكيّف الشخصي والاجتماعي للتلميذ تماماً بقدر اهتمامها بنجاحه وتحصيله الدراسي في المواد المختلفة، لذا كان من واجب المدرسة السعي نحو تنمية جوانب شخصية التلاميذ لتحقيق نمو متكامل، جسمياً وعقلياً ووجدانياً واجتماعياً وروحياً. وأصبحت تقوم اليوم بوظيفة التربية والتعليم والاهتمام بالدائرة الاجتماعية للطفل.

حيث يجتمع مع رفاقه ومحيطه على اختلافهم الثقافي والاجتماعي ويتعلم أدواراً اجتماعية جديدة تساعده على التعرف على حقوقه الكاملة من التعاون والانضباط في السلوك والتفاعل مع زملائه، وتساعده على نمو شخصيته من كافة جوانبها. 

تسهم المدرسة مع الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية للتلميذ، وذلك من خلال الصحة والرعاية الاجتماعية والنفسية ونحوها، حيث تعتبر منظومة مهمة في الرعاية للناس بصفة عامة ولكل من هو في مقتبل العمر بصفة خاصة، فكلما قدمت تلك المنظومة بمهارة وعلى درجة عالية من الرقي والتميز الخدمي كلما أسهمت في إخراج جيل ذكي يتمتع بالصحة والسلامة والمعرفة، جيل متوثب نحو المستقبل يستطيع القيام بدوره على أكمل وجه، جيل متسلح بالثقة والقدرة العقلية والنفسية على مواجهة التحديات مهما كان حجمها ومهما كان نوعها.

المشكلة الدائمة أن التماهي والتناسق بين منظومة الخدمات تحتاج لنجاحها للتكامل وتوزيع الأدوار بشكل سليم وصحيح، ففي المدرسة كمؤسسة تعليمية واجتماعية تستطيع القيام بدور محوري في الرعاية الصحية والنفسية، وتستطيع القيام بدور محوري في موضوع الرعاية الاجتماعية نفسها من حيث الفقر والرفاه ونحوها، من خلال المدرسة تستطيع مراكز الرعاية الاجتماعية معرفة الحالة المادية للأسرة.

ومن خلال المدرسة تستطيع مراكز الراعية الصحية معرفة الأمراض التي يعانيها الطفل. وأيضاً للمدرسة أدوار أكثر أهمية لكنها لم تفعل بالشكل الصحيح حتى الآن، مثل الأنشطة اللامنهجية واللامدرسية، ستجد عندها غياباً تاماً للمدرسة وأثرها، وفي هذا تحجيم وتقليل من قيمة المدرسة كمؤسسة اجتماعية فاعلة.