نجيب يماني
إنجازات الوطن أضاءت لها «الرؤية» المسار، ورسمت لها المنهاج، وعبّدت لها الطريق، فانطلقت محفوفة بالثقة واعية لهدفها، مدركة لمراميها، تجعل من كل نجاح وقوداً للانطلاق، وليس محطة للاسترخاء، فلا سقف للطموح طالما كان صوت «محمد الخير»، حادي ركبنا، ينادي في وعينا ظاهراً وباطناً «نحلم ونحقق».
بدأت المملكة العربية السعودية مشروعها الجيني في أواخر تسعينات القرن الماضي ويُعدُّ واحداً من أفضل عشرة مشروعات في علم الجينوم، الذي دشَّن مختبره المركزي سمو الأمير محمد بن سلمان في العام 2018م. واهتماماً من ولي أمر الوطن بصحة المواطن ومستقبله ليعيش جودة الحياة وسعادتها، واستكمالاً للجهود المقدرة وتفعيلاً لبرنامج الرؤية المباركة وزيادة عمر الإنسان ورفاهيته
خفض مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تكلفة تحليل الجينوم البشري الكامل بنسبة 67% مقارنة بالتقنيات السابقة، مع تحقيق زيادة في القدرة التحليلية بمقدار خمسة أضعاف، عبر إدخال تقنية حديثة في خدمات الفحوصات الجينية، وذلك تلبية للطلب المتزايد على الفحوصات الجينية في المملكة مما يساعد على زيادة نطاق الفحوصات الوراثية بحلول العام 2030م.
وتسهم التقنية الحديثة، الموجودة في عدد محدود من المختبرات الوراثية السريرية في العالم، في تعزيز دقة التشخيص الطبي بفضل قدرتها على الكشف عن الطفرات الجينية النادرة والمعقدة، مما يتيح تقديم رعاية شخصية متقدمة تلبي احتياجات المرضى بكفاءة أكبر، وليس مركز أبحاث التخصصي عنها ببعيد، فقد تبنى أحدث التقنيات في طب الجينوم لتعزيز التشخيص المبكر وتقديم رعاية صحية دقيقة ومخصصة تتناسب مع احتياجات كل مريض، مما يدعم تعزيز البحث العلمي وابتكار حلول طبية متقدمة، تهدف إلى تطوير نظام صحي شامل يعتمد على الوقاية والتشخيص المبكر، والاستفادة من أحدث التقنيات في طب الجينوم، لتقديم أفضل رعاية صحية كما وعدت الرؤية المواطن بذلك.
ستتمكن خارطة الجينوم البشري من الكشف عن التنوع الجيني للإنسان والقدرة على معالجة أمراضه وتحديد الدواء المناسب له حسب جيناته، وهي الثورة الطبية القادمة للحد من الأمراض الوراثية وفك الشفرة الوراثية للمواطنين، وإنشاء قاعدة بيانات لتوثيق أول خارطة وراثية للمجتمع السعودي، وتحديد الوسائل التقنية لفك الشفرات الوراثية بتحديد التسلسل الكامل للاكسوم وحزم الجينات وتقنية تحديد تسلسل مقطع واحد من الحمض النووي، واستدعاء المجموعات المحددة من الطفرات، وتوثيق العديد من المتغيرات المسببة للأمراض الوراثية والجينية والأمراض المستعصية
وتطوير الشرائح الإلكترونية البيولوجية المحتوية على آلاف المورثات المرتبطة بأمراض مختلفة مثل تعديل جيني لخلايا سرطان القولون والمستقيم، بعد فك شفراته ومحاصرة العديد من الأمراض الوراثية عبر تقنية التشخيص الوراثي قبل الانغراس لاختيار الأجنة الخالية من الأمراض الوراثية أو الحاملة لها التي تسبب إعاقات جسدية وعقلية، تقتل الفرحة وتصعب أمور الحياة.
إن مشروع فحص ما قبل الزواج جنّب الأسر الكثير من الأمراض الوراثية والمعاناة منها وخلق جيل معافى وصحّى.
بحوث الجينوم البشري ساعدت على تشخيص الحالات الوراثية النادرة وعلاجها عن طريق فك الشفرة الوراثية للمواطنين؛ مما يسهم في عمليات التشخيص المبكر أو حتى قبل الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض العصبية والسكري ومعرفة الجين الوراثي المسبب لكل منها وتشخيص العديد من المرضى المصابين باعتلالات وراثية والوقاية منها، تطوير الجينوم البشري يقلل نسبة الأمراض الوراثية في المجتمع ويخفف من أعبائها الاقتصادية الناجمة عن علاجها.
نجاحات بعضها فوق بعض يحققها الوطن في شتى المجالات بقفزات عالية وسريعة على إيقاع رؤية المملكة الطموحة التي غيّرت مسار المجتمع وأخذته إلى دروب العلم والعمل والإنجاز ومنافسة الآخرين كمحصلة طبيعية، وقطاف منتظر لغراس رؤية المملكة الطموحة، وتأكيد عملي لمراميها السنية، وإستراتيجيتها العميقة التي استهدفت كافة القطاعات بالتغيير والاستنهاض بقيادة ولي العهد الأمين «محمد الخير» سلمه الله لنا وللوطن..
ألف مبروك لمن عرف الرؤية ومراميها، وعمل بصدق بما جاء فيها.
التعليقات