أتمنى من وزير التعليم العالي والبحث العلمي قراءة لقاء، أجرته صحيفة النهار قبل أيام قليلة، مع الأمين العام لجمعية النزاهة الوطنية الكويتية وعضو المجلس البلدي السابق م.حمود العنزي، وذلك لما تضمنه من معلومات، أعتقد من واجب الوزير والحكومة التوقّف عندها، واتخاذ الإجراءات المطلوبة والضرورية، وفي الوقت المناسب.

حذّر م.العنزي، في هذا اللقاء، من خطورة الاستقطاب القبلي للنشاط الطلابي في المرحلة الجامعية، وفي انتخابات اتحادات طلبة الجامعة والتطبيقي داخل الكويت وخارجها.

وحسب ما قاله العنزي، فإنه تم رصد حوالي 30 فرعية قبلية في انتخابات الاتحادات والجمعيات الطلابية داخل الكويت وخارجها، وحوالي مليون دينار تضخ سنوياً لتمويل الصراعات الطلابية داخل الجامعة، علماً بأن هذه الاتحادات الطلابية هي اتحادات غير رسمية الأصل، ويتم تمويلها (حسب ما ورد في اللقاء) بشكل لا يخضع للرقابة من أي جهة في الدولة.

وحذّر العنزي من أن ذلك يفتح المجال لتدخل أقطاب «سياسية»، لتغذية العنف الطلابي والاستقطاب الفئوي في هذه الانتخابات، التي غالباً ما تتسم بالتعصب والكراهية والعنف، الأمر الذي غالباً ما نشهده في هذه الانتخابات.

ومع اقتراب موعد انتخابات اتحاد الطلبة، التي ستتم خلال الأسابيع المقبلة، فمن السهولة أن تتم هذه الانتخابات على هذه الأسس نفسها، التي وصفها بـ«الهدامة»، ولا تتناسب مع جهود الدولة، التي تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة ومكافحة الفساد.

أتمنى، كما تمنى م.الغنزي، من الوزير الدكتور نادر الجلال، الذي أجمع الكثيرون على كفاءته والآمال المعقودة عليه لتصحيح الكثير من الأخطاء، أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بشكل مهني بحت، ووفق القانون، والتدخل فوراً لوقف هذه الانتخابات، أو تأجيلها إلى حين تعديل النظام الانتخابي (على الأقل تصريحها)، وإلغاء الاقتراع الطلابي العام المباشر، ووقف الانتخابات الفرعية المُجرّمة قانوناً، كما هي في مجلس الامة، التي صدرت أحكام قصائية تعاقب من مارسها في الانتخابات الأخيرة.

‏المُقلق في الموضوع ما أشار إليه م.العنزي، حيث سبق أن قدّم ملاحظات وتوصيات وحلولا لوزراء سابقين للتعليم العالي، كانوا لا يعترفون بالمشكلة من الأساس، بل كانوا يرفعون أيديهم عن الحلول، ويتذرّعون بتجنّب التهديد بالاستجوابات من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة. اليوم وعلى ضوء عدم وجود مثل هذه التهديدات، التي أشار إليها، أتمنى من وزير التعليم الحالي الجديد الدكتور نادر الجلال النظر في هذه القضية، والاطلاع على هذه الملاحظات والتوصيات والحلول التي قُدّمت للوزير قبله، حتى يتم التعامل مع موضوع انتخابات اتحاد الطلبة داخل الكويت وخارجها وفق الأصول، وبعيداً عن أي نفس آخر غير النفس الوطني.

القضية الأساسية بالموضوع هي الاعتراف بوجود المشكلة أولاً، ثم العمل فوراً على وقف هذه الانتخابات، أو تأجيلها إلى أن تتم دراستها من كل جوانبها، بحيث توضع، كما ذكر العنزي، في إطار قانوني يتضمّن تبسيط إجراء الانتخابات، وتجنّب الانتخاب العام المباشر، وما ينتج عنه من استقطاب قبلي قد ينال من هذه العملية التعليمية، ومن الهدف الأساسي الوطني للنشاط الطلابي، هذا النشاط يجب ان يقوم على معايير وخطوات صحية، تؤتي نتائج صحية تصب في مصلحة الوطن ولا شيء غيره.

المؤسف في الموضوع أن معظم إعلانات انتخابات ونشاطات عمل اللجان من مخرجات هذه الانتخابات داخل الكويت وخارجها، غالباً ما تكون عناوينها أسماء القبائل، ناهيك عن أعلام وأناشيد قبلية مصاحبة لمظاهر الفرحة والابتهاج.

إعلانات تملأ وسائل التواصل، تتضمن خدمات طلابية تقدمها لجنة «القبيلة الفلانية»، وهذا كله يتم أمام مرأى ومسمع مسؤولي الجامعة والوزارة أيضاً، ولسنوات طويلة، من دون أن يتم التحرّك لوضع حدّ لهذه التصرفات.

حتى الدعوة لغبقات رمضان أو أي احتفال تكون باسم «لجنة قبيلة.. في جامعة الكويت، تدعوكم لـ..».

وهذا لا معنى له، سوى أنه لا حسيب ولا رقيب على هذه الممارسات، التي أخذت راحتها سنوات طويلة، للأسف، لسبب واحد يعرفه الجميع.

كلمة أخيرة أختم بها مقالي، وهي ان كل ذلك كان يتم أمام الملأ سنوات طويلة من دون أن يعترضه أحد بشكل حاسم وحازم، خوفاً من الاستجوابات، كما ذكر العنزي، أما اليوم.. فإذا ما أُجريت هذه الانتخابات بالنفس نفسه، وهذا الاسلوب، فالتقصير منك يا حكومة، ولا أحد غيرك.

* * *

‏أصل الإنسان وقبيلته وانتماؤه شيء جميل نعتز فيه ونفخر به كلنا، ولكن هذه الأمور لها مكانها في الحياة الاجتماعية، داخل نسيجنا الاجتماعي.. مناسباتنا وعلاقاتنا، وليس في دائرة العمل والتعليم.


إقبال الأحمد