لا يمثل هذا الاعتراف فقط حجم الألم، الذي أصابهم، بل يبيّن أيضاً مدى خسارتهم لمصنع تفريخ «إخوان المستقبل»، الذي استمر لأكثر من نصف قرن! فالإخوان لم يأسفوا على إيقاف أعمال مجلس الأمة، لكنهم أسفوا كثيراً على حل اتحاد الطلبة، حيث تصدى كل دهاقنة الإخوان للتنديد بحلّه، لأنه كان مصنعاً لكوادرهم المستقبلية، وبالتالي لم يكن غريباً تباكيهم على الحل، وإصرارهم على عدم الالتفات إلى حقيقة أن وضع الاتحاد كان غير شرعي، حتى بعد مرور 60 عاماً على وجوده، وأن رفض ترخيصه كان بقرار من الإخوان، لعلمهم بأن الترخيص سيتبعه حتماً تحديد جهة رقابية على سجلات الاتحاد، ومعرفة مصادر أمواله ومصروفاته، وغياب الترخيص سهّل لهم، طوال عقود، التعامل بالملايين من دون رقابة أو محاسبة.
يصف أحد خدنة الإخوان حملتنا على الاتحاد بأن وراءها أصحاب أجندات! وأنا أتحدّى هؤلاء المفترين، كوني أول من هاجم الاتحاد وكشف مخالفاته، منذ عشرات السنين، الكشف عن ترخيص الاتحاد، الذي يدّعون وجوده، وعن الجهات التي تقف خلفي أو أجندتي!
إن التباكي على الاتحاد بحجة الدفاع عن العمل النقابي، وعن حرية التعبير والديموقراطية، كلام لا معنى له، طالما كانت الجهة التي نتباكى عليها باطلة في وجودها، وما بُني على باطل فهو باطل، ولم تمثل يوماً العمل النقابي، ولم تكن منبراً للرأي الحر.
كما أن المسألة لم تتعلق بارتكاب مسؤولين في الاتحاد «بعض الممارسات»، التي تتطلب تصويباً، بل بخطورة سيطرة حزب ديني سياسي أخطبوطي عليه، واستغلاله للتغلغل في قلوب وعقول المنتسبين إليه. ونتساءل، مع غيرنا، عن السبب الذي منع الاتحاد، على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، من السعي في الحصول على ترخيص قانوني، علماً بأنه كان يحظى بدعم وقبول من نواب ووزراء ومتنفذين؟ لا شك أن الجواب ليس في مصلحة الاتحاد!
لم يكن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت يوماً، كما يحلو لبعض «الكتّاب الإخوان»، قوله، جسماً داعماً للديموقراطية، بل عامل هدم، وكان متفرغاً، في فرعه الكويتي على الأقل، لتفريخ مؤيدي الإخوان. ويكذب كل من كتب وادّعى أنه كان اتحاداً رسمياً معترفاً به بحكم القانون، لمجرد أنه كان يتلقى دعماً مالياً من جهات رسمية، وكان له ممثل في مجلس الجامعة. فوضعه، مع الفارق الكبير طبعا، كان يشبه وضع الإسرائيلي «كوهين»، الذي قبض عليه في سوريا، فلم يشفع له تقلد أعلى المناصب، وتلقي مزايا مالية من الدولة، ولا عضويته الرفيعة في «حزب البعث»، وقربه الشديد من القيادة. وبالتالي فكل المزايا والدعوم، التي حصل الاتحاد عليها كانت نتيجة ضغوط سياسية على إدارة الجامعة، ولا يجعله ذلك كياناً قانونياً، وهذا الرضوخ لضغوط الإخوان هو الذي جعل جهات رسمية أخرى تعتقد أنه معترف به!
* * *
ذكرت لأحد كبار المسؤولين، للدلالة على مدى تغلغل تنظيم الإخوان المسلمين داخل الدولة، أن الأجهزة العسكرية في الدولة، أعتقد هي الأقل اختراقاً من الإخوان، مقارنة بباقي أجهزة الدولة، والسبب أن السواد الأعظم من العسكريين لم يلتحقوا بالجامعة، وبالتالي لم تطالهم يد الإخوان.
أحمد الصراف
التعليقات