علي الهنوري الظاهري
في زيارة تاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حققت دولة الإمارات إنجازات استراتيجية مهمة خلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الأسبوع، ومن أبرز هذه الإنجازات حصول الدولة على تصنيف جديد في مجال التعاون العسكري الوثيق مع واشنطن، فضلاً عن حصولها على التصنيف الذي يشمل التدريبات المشتركة والمناورات العسكرية والجهود الدفاعية المشتركة التي تعزز العلاقات العسكرية بين البلدين.
يذكر أن الولايات المتحدة لم تمنح هذا التصنيف من قبل إلا لدولة الهند، مما يوضح الأهمية الاستثنائية التي توليها واشنطن لعلاقاتها مع الإمارات. هذا الإنجاز يعتبر اعترافاً بالدور المتزايد الذي تلعبه دولة الإمارات على الساحة الدولية في مجالي الدفاع والأمن.
إلى جانب التعاون العسكري، تم إدراج الإمارات ضمن «برنامج الدخول العالمي» الذي يسمح للمواطنين الإماراتيين بالدخول إلى الولايات المتحدة بشكل أسرع وأكثر سلاسة عبر تسهيلات أمنية معينة، ومن المتوقع أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق في أكتوبر الجاري، مما سيسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياحية بين البلدين. هذه الخطوات تأتي في إطار رؤية الإمارات لتعزيز موقعها كقوة إقليمية مؤثرة، وتؤكد عمق العلاقات الثنائية بين الإمارات والولايات المتحدة في مختلف المجالات.
رؤية
ولا يمكن الحديث عن الإنجازات الدبلوماسية والعسكرية لدولة الإمارات دون الإشارة إلى رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رجل السلام، الذي جعل من تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي إحدى أهم أولوياته، حيث تتجاوز رؤية سموه حدود التعاون العسكري والسياسي التقليدي، فهي ترتكز على بناء جسور السلام والشراكات الاستراتيجية التي تخدم مصالح المنطقة والعالم.
لقد عرف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بدوره البارز في دعم مبادرات السلام والحوار بين الدول، وهو ما برز من خلال المبادرات الإماراتية في مناطق النزاع والتوتر، وسعيه الدائم لإيجاد حلول سلمية للأزمات، هذه الرؤية تُجسد قناعة سموه بأن الاستقرار والازدهار لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال السلام والتعاون الدولي.
زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة وما تم تحقيقه خلالها من نجاحات يُعزز مكانة الإمارات كلاعب محوري على الساحة الدولية، سواء في مجالات الدفاع أو الدبلوماسية. وحصول دولة الإمارات على التصنيف العسكري الجديد، إلى جانب إدراجها في «برنامج الدخول العالمي»، ما هو إلا جزء من جهود القيادة الرشيدة لتعزيز صورة الإمارات كدولة داعمة للسلام، حريصة على بناء علاقات قوية ومستدامة مع القوى الكبرى.
بهذه الرؤية الشاملة التي تجمع بين الدبلوماسية والاقتصاد والدفاع، يستمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، في قيادة الإمارات نحو مستقبل مزدهر يعزز من مكانتها كقوة إيجابية على الساحة الدولية، تعمل دائماً لتحقيق السلام والاستقرار للجميع.
مساهمة
ولعبت دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، دوراً محورياً في تهدئة العديد من الصراعات في المنطقة والعالم، مستندة إلى رؤية سموه التي تضع السلام والاستقرار كأولوية، هذه الجهود تجسدت في تدخلات دبلوماسية ومبادرات إنسانية وسياسية ساهمت في الحد من التوترات وحل النزاعات عبر الحوار والتفاوض.
ومن أبرز الأمثلة على هذا الدور مساهمة الإمارات في دعم اتفاقيات السلام في مناطق متأزمة، مثل اتفاق السلام بين إثيوبيا وأريتريا في عام 2018، والذي أنهى عقوداً من النزاع المسلح بين البلدين، كما دعمت الإمارات مبادرات السلام في السودان، وساعدت في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا واليمن، حيث لم تقتصر جهودها على الدبلوماسية، بل شملت أيضاً تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
في هذا السياق، تسعى الإمارات دائماً إلى تعزيز التعاون الدولي، وتشجيع الحلول السلمية للصراعات بعيداً عن اللجوء إلى القوة، وتشجيع الأطراف على اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية بدلاً من التصعيد العسكري.
ومن خلال هذه الجهود، تسعى الإمارات إلى لعب دور بنّاء في المجتمع الدولي من خلال تشجيع الحوار السلمي وتقديم الدعم الإنساني. وهذا يعكس رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي يؤمن بأن السلام والاستقرار هما السبيل الوحيد لتحقيق التنمية والازدهار، ليس فقط في المنطقة، ولكن على المستوى العالمي أيضاً.
وفي خضم الزيارة للولايات المتحدة الأمريكية كان لصاحب السمو رئيس الدولة بصمة إنسانية جديدة، حيث زار سموه مستشفى الأطفال الوطني في واشنطن، وبذلك يعيد شريط الذكريات حينما كان المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما يزور الولايات المتحدة كان يقوم بزيارة المرضى من مختلف الجنسيات.
لقد شملت جولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، «معهد الشيخ زايد للابتكار في جراحة الأطفال» الذي يقدم أحدث العلاجات في مجال طب الأطفال من مختلف دول العالم، واستمع سموه إلى شرح بشأن التقنيات والابتكارات التي يواصل تطويرها المعهد لعلاج مرضاه ومنها: «جهاز تنظيم ضربات القلب المصغر» المصمم للأطفال الرضع، والذي كان سموه قد اطلع على النموذج الأول منه خلال عام 2019، وأصبح اليوم بفضل دعم دولة الإمارات يستخدم لدى أكثر من 40 مريضاً من الأطفال.
كما اطلع سموه على مهام «مركز قيادة وحدة العناية المركزة للقلب» والذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة للتشخيص والكشف الاستباقي عن الحالات المرضية الحرجة مثل السكتات القلبية، وهو ما يعزز من فرص نجاح العلاجات وإنقاذ حياة المرضى.
وفي ختام جولته أعلنت حكومة دولة الإمارات تقديم دعم مالي إلى مستشفى الأطفال الوطني في واشنطن بمبلغ 35 مليون دولار لتعزيز مبادراته الصحية الاستراتيجية التي ستركز على صحة ما قبل الولادة وحديثي الولادة والأمهات، وذلك تزامناً مع زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إن رجل الإنسانية رئيس الدولة، كان دائماً ينظر إلى المستقبل بشكل مشرق مهما كانت الظروف حالكة، ويقدم النصح والإرشاد، فصاحب السمو رئيس الدولة رجل السلام والإنسانية.
التعليقات