رامي الخليفة العلي

كانت بريطانيا لسنوات عديدة ملاذاً للأثرياء والمستثمرين بفضل نظامها الضريبي الخاص بغير المقيمين الذي منحهم مرونة في دفع الضرائب على الدخل الخارجي، لكن التغييرات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة البريطانية في هذا النظام أضفت تعقيداً كبيراً على بيئة الأعمال في البلاد. مثلاً، مع فرض ضرائب جديدة على أصحاب رؤوس الأموال وقيود صارمة على الأصول الخارجية، بدأت بريطانيا تفقد جاذبيتها لصالح وجهات جديدة تمنح ميزات تنافسية، فكانت المملكة العربية السعودية إحدى أهم الوجهات لهؤلاء.

وفي هذا السياق، تُعد المملكة العربية السعودية خياراً مثالياً وبديلاً استثنائياً للمستثمرين العالميين الذين يبحثون عن بيئة آمنة ومستقرة سياسياً وأمنياً، إلى جانب امتيازات اقتصادية تجعلها مركزاً جاذباً لأصحاب الثروات والشركات الكبرى. تتجه أنظار هؤلاء الأثرياء والشركات نحو السعودية التي تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية 2030، بمشاريع تنموية طموحة تهدف إلى خلق بيئة جاذبة للمستثمرين. أطلقت المملكة العربية السعودية إصلاحات شاملة في السنوات الأخيرة، مستهدفةً بذلك تطوير البنية التحتية الاقتصادية وتعزيز بيئة الأعمال وتوفير فرص استثمارية واعدة. من أبرز هذه الإصلاحات استحداث قوانين جديدة لتسهيل الاستثمار الأجنبي، وتعزيز الشفافية في التعاملات الاقتصادية، وإلغاء قيود التملك الأجنبي على قطاعات مهمة. ولم تقتصر هذه الإصلاحات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل شملت أيضاً تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة حضرية متقدمة، مما يجعل من المملكة وجهة مفضلة للاستثمار والإقامة.

وفقاً لبيانات وزارة الاستثمار، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة حوالي 96 مليار ريال سعودي (25.6 مليار دولار) في عام 2023، متجاوزةً المستهدف الوطني بنسبة 16%. كما نقلت شركات كبرى مقراتها الإقليمية إلى الرياض، بما في ذلك شركات مثل «بيبسيكو» و«بيكر هيوز» و«يونيليفر»، مما يعكس الثقة المتزايدة في بيئة الأعمال السعودية. بالإضافة إلى ذلك، بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية السعودية 198 مليار ريال في عام 2023، بزيادة قدرها 7.7% مقارنة بالعام السابق. إن الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لجعل اقتصادها أكثر تنوعاً وازدهاراً تأتي في إطار رؤية 2030 الطموحة، التي تعكس تطلع القيادة السعودية لتحقيق قفزة نوعية نحو اقتصاد غير معتمد على النفط، مستنداً إلى الابتكار والمعرفة والتكنولوجيا. ومن ضمن المشاريع الكبرى التي تجسّد هذا الطموح، مشروع «نيوم»، الذي يعد رمزاً للتقدم والحداثة، بالإضافة إلى مشاريع تطوير السياحة والترفيه التي جعلت من السعودية وجهة رائدة في المنطقة.

الآمال الكبيرة المعقودة على المملكة العربية السعودية لا تتوقف عند حدود السنوات المقبلة، بل تمتد لعقود قادمة، حيث تسعى لتحقيق مكانة متقدمة على مستوى الاقتصاد العالمي. ولعلّ الرؤية الطموحة للمملكة هي التي تجعلها الخيار الأنسب لأصحاب رؤوس الأموال الباحثين عن فرص آمنة للنمو والاستقرار، في ظل مستقبل يَعِدُ بالكثير من الإنجازات الاقتصادية والسياسية.

من خلال هذه التحولات، يمكن القول إن المملكة العربية السعودية أصبحت نموذجاً للتنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي في المنطقة، بفضل رؤية 2030 التي تفتح آفاقاً رحبة لمستقبل مزدهر ومستدام، جاذبةً بذلك أصحاب رؤوس الأموال من جميع أنحاء العالم. وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: «طموحنا هو أن نبني المملكة لتكون نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسنستمر في السعي لتحقيق هذا الطموح بإصرار وعزيمة».