سلطان ابراهيم الخلف

انتهت الانتخابات الرئاسية الأميركية بفوز الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، وهزيمة نائب الرئيس كامالا هاريس الديمقراطية، وقد صوّت غالبية المسلمين بنسبة 51 في المئة للمرشحة المستقلة اليهودية جيل ستاين من حزب الخضر، التي وقفت موقفاً مشرّفاً عندما ندّدت بجرائم الكيان الصهيوني، وطالبت بوقف حرب الإبادة التي يشنها على سكان غزة المحاصرين، وهو الموقف الذي كان يطالب به المسلمون كامالا هاريس، التي أدارت ظهرها لهم، وكان سبباً في التحوّل الكبير للتصويت للمرشحة المستقلة جيل ستاين، وخسارة كامالا لغالبية أصوات المسلمين التي كانت دائماً تصوت للحزب الديمقراطي، حيث وصلت إلى 20 في المئة، وهو هبوط حاد عن نسبة تصويت المسلمين التي بلغت 70 في المئة للرئيس بايدن في انتخابات 2020 الرئاسية وفاز فيها، ما يعني أن عامل حرب الإبادة على غزة كان عاملاً ملحاً، لعب دوراً كبيراً في تحديد موقف المسلمين من انتخابات الرئاسة الأميركية، إذا قورن بالعوامل الأخرى التي تتعلّق بحماية حقوق الأقليات وحرياتهم، ومكافحة العنصرية التي يتبناها الحزب الديمقراطي. لكن المفارقة أن 21 في المئة من المسلمين صوّتوا للمرشح الرئاسي ترامب، ولعله بناءً على تصريحه «الحرب يجب أن تتوقف» في زيارته إلى ديربورن، في ولاية ميشيغن المتأرجحة والتي فاز فيها، حيث تضم تجمعاً كبيراً من العرب والمسلمين.

قضية الحرب في غزة لا تعني غالبية اليهود الأميركيين. دائماً يصوّت اليهود الأميركيون لمرشحي الحزب الديمقراطي، لأنهم أقلية تتخوّف من العنصرية وكراهية اليهود التي تنتشر بين اليمينيين المسيحيين المتعصبين، والذين يعتبرون القاعدة الانتخابية الرئيسية للحزب الجمهوري لأنه حزب محافظ. وقد صوّت غالبية اليهود بنسبة 78 في المئة للمرشحة كامالا هاريس، لكنهم أُصيبوا بخيبة أمل لعدم نجاحها في الانتخابات، الأمر الذي سيزيد من تخوفهم خلال فترة حكم الرئيس ترامب المقبلة، حيث لا تزال حادثة الاعتداء على كنيس في مدينة بتسبرغ في 2018، الذي قتل فيه 11 يهودياً على يد متطرّف مسيحي أبيض ماثلة في أذهانهم، وهم يخشون تكرار حوادث الاعتداءات عليهم في عهد الرئيس ترامب المقبل، فقد وقعت حادثة بتسبرغ في عهده، وكانت مشاعر الكراهية لليهود وللأقليات الأخرى متأججة في فترة رئاسته السابقة، كما أنهم يرون في خطاباته العنصرية ما يشير إلى معاداة اليهود.

ومع ذلك يظل وضع اليهود في أميركا أفضل بكثير من وضع المسلمين، فالإدارة الأميركية سواءً كانت ديمقراطية أم جمهورية تحرص على حماية مواطنيها اليهود، والدفاع عن الكيان الصهيوني، ودعم جرائمه في فلسطين المحتلة، على عكس موقفها من مواطنيها المسلمين والعرب الذين يعانون من التفرقة وضياع الحقوق والاعتداءات العنصرية التي تفوق كثيراً ما يتعرّض له اليهود.