كتبت هذه السيدة في «إهداء» كتاب كتبته حول حياتها بالكويت.. كلمات تربعت الكويت في تفاصيل أسطره.
كتبت إهداءها: «إلى ديمتري الذي شجّع فريق كرة القدم الكويتي الأزرق، وأحب جاسم يعقوب قبل أن يعرف فريق وطنه.. إلى ديما التي عشقت النغم الكويتي والرقص بالدراعة.. إلى رامي الذي عزف النشيد الوطني الكويتي، وطني الكويتي سلمت للمجد، قبل أن يتم الخامسة، وأصر إلى زمن على أنه كويتي، أحب الكويت التي صارت جزءاً من حياتنا وما زالت».
للعلم، لا تعيش هذه السيدة وأسرتها في الكويت حالياً، ولا تطمح إلى شيء من وراء ما كتبته، فقد غادرتها وأسرتها منذ الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠، وما زالت مغتربة عن وطنها في بلد آخر.
تردد في الأونة الأخيرة أن هناك توجهاً لإلغاء قرار عدم تجديد الإقامة لمن بلغ الستين عاماً، الصادر عن الهيئة العامة للقوى العاملة، المتعلق بالعمل للوافد، ممن بلغ 60 عاماً فما فوق، من حملة شهادة الثانوية العامة وما دونها أو ما يعادلها.
ما استدعاني أن أكتب عن هذه السيدة أن هناك كثيرين مثلها تركوا الكويت، وفي نفوسهم وقلوبهم الحب والاحترام، ما صدر قبل أيام، في جريدة «الجريدة»، من تأكيد بأن هناك توجهاً لإلغاء القرار المتعلق بعدم التجديد لإقامة الوافدين فوق سن الـ60 عاماً، ووجود توجهات لإجراء تعديلات جذرية عليه، فهناك فئة من الوافدين عاشت في الكويت سنوات طويلة كانت مثالاً للالتزام بالقانون والاحترام، لكنها أصبحت مضطرة للمغادرة، رغم أنها وصلت مرحلة من الخبرة، وما زالت قادرة على العطاء، شأنها شأن أي موظف أو عامل آخر وصل إلى هذه السن، التي لا يمكن أن نُصنفها اليوم ضمن فئة كبار السن.
من عاش في الكويت من الأخوة الوافدين ٣٠ و٤٠ و٥٠ سنة، فقدوا كل من حولهم في بلادهم، وأصبحوا غرباء هناك، ولم يعودوا يعرفون سوى الكويت وطناً لهم.
هم يتحملون أعباء حياتهم اليومية من تعليم وصحة وحياة، ولا ينشدون سوى أن تكون الكويت البلد الذي يعيشون فيه، ولا يطمحون لأي شيء آخر، حتى الجنسية الكويتية.
لن أخوض في التداعيات الاقتصادية لمثل هذه القرارات.
ويكفي أن معالي رئيس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف وصف هذا القانون: «يعد سبّة في التاريخ الإنساني للكويت، والتي كانت ملاذاً آمناً لكل من عمل على أرضها»،
وتأكيداً لما تفضّل به فيه الشيخ فهد اليوسف، فإن «هذه الفئة من الوافدين من مواليد الكويت، وآخرين قضوا أكثر من نصف أعمارهم فيها، عملوا بكل أمانة وصدق وشرف، علينا إنصافهم وتقديرهم في نهاية خدمتهم لبلادنا، بما يليق بهم وبأبسط حقوقهم، والسماح لهم بالعيش على أرض الكويت الطيبة، التي اعتبروها وطنهم الثاني، بل هي بلدهم الأول عند البعض ولا يريدون مغادرتها».
هذه هي كويت الإنسانية، وكويت السلام.
إقبال الأحمد
التعليقات