من الآثار السلبية لقرارات لجنة سحب الجنسية من المواطنات، اللاتي حصلن عليها بقرارات وزارية، عوضاً عن صدور مرسوم بها، الإعلان الذي نشره أحد العاملين في سلك القضاء الواقف، دعا فيه كل من تضررت أو ستتضرر من قرارات السحب بمراجعته.

هاجم موقفه البعض، فرد بأنهم كمن يطالبون من مصاب بالسرطان بألا يراجع الطبيب، لأن حالته ميؤوس منها. وأن من يطالب غيره بعدم مراجعة أي محام، لوقف سحب جنستهم، لأن المحاكم لن تنظر في مسائل الجنسية، لعجز المحامي عن فعل شيء، هم جهلة، ويفتقدون فهم دور ورسالة المحاماة «العظيمة»، في الدفاع عن المظلوم والسعي لينال حقه (!)، وأضاف بأن دوره سيكون في صياغة التظلم، ورفع دعوى دستورية بعدم دستورية مرسوم السحب، وتقديم التماس بإعادة النظر في قرار السحب، وصياغة ونشر المناشدات القانونية والإنسانية للسلطة، والسعي لإبطال منع المحاكم من نظر مسائل الجنسية، لأنها من أعمال السيادة، وتقديم طلب جديد لجهات الاختصاص للتجنيس، ومتابعته، ورفع دعوى بالمطالبة بالتعويض المادي والأدبي عن خطأ الجهة الحكومية، وتقديم شكاوى للجهات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، ومراجعة الجهات الرسمية والأهلية نيابة عن المسحوبة جنسيته لتعديل أوضاعه.. إلخ.

كل هذه المهام التي عرض المحامي القيام بها عظيمة، وصعبة جداً، وسيستغرق القيام بها وقتاً، وتتطلب جهداً كبيراً، داخل الكويت وخارجها، وبالتالي من حقه طلب أتعاب عالية مقدماً، لكن ماذا لو كانت النتيجة.. صفراً أصفر؟

أما مثل مريض السرطان، الذي أورده، فهو مثلٌ مخل، ولا ينطبق على الحالة. فالفيل لا يطير، ولن ينفع في ذلك مراجعة حقوق حيوانات الغابة، لكي يطير الفيل، فهو لا يطير، والسبب لأن الأمور استقرت، واطمأنت أعلى الجهات القضائية، بأحكام باتة وقطعية، على ترسيخ مبدأ عدم اختصاص المحاكم بنظر قضايا الجنسية، لأنها من أعمال السيادة. وسبق أن ألغت محكمة الاستئناف حكم المحكمة الإدارية، القاضي بإعادة جنسية 19 مواطناً، كما ألغت قرار سحبها من قبل الحكومة، وقضت مجدداً بعدم اختصاص المحاكم بنظر المسائل المتعلقة بالجنسية، في تأكيد إضافي على أن هذه القضايا لا ينظرها القضاء، فنصوص قانون الجنسية ومذكرته الإيضاحية تؤكد أن مسائل الجنسية، وما يتعلق بها من قرارات تتسم بطابع سياسي، أملته اعتبارات خاضعة تتعلق بكيان الدولة ذاته، لتحديد شعب الكويت، ومن يجوز له حمل جنسيتها عند تأسيس الوطن لأول مرة. فكيف يأتي من ينازع السلطة في حقها في الحفاظ على كيان الدولة، وتحديد شعب الكويت، في استغلال غير سليم لحالات اليأس، التي قد تدفع البعض للجوء إليهم؟

إن المحامي المهني الملتزم ما استقرت عليه أحكام المحاكم يجب أن يقوم بتوعية الجماهير، ولا يخدعهم أو يؤملهم بنتائج غير صحيحة.

كما نود هنا الإشارة إلى الدور الحيوي والخطير لجمعية المحامين، وتخليها الطوعي عنه، رغبة في تجنب «إغضاب الزملاء»، حيث كان عليها توعية الجمهور من مثل هذه الدعوات، فسكوتها قد يعني اتفاقها مع أو صحة ما يقوم به البعض من تضليل واستغلال لحاجة الناس، وهذا يمثل تخلياً عن دورها في توعية الجماهير.


أحمد الصراف