آخر تقارير «فريق الخبراء- لجنة العقوبات الدولية الخاصة باليمن» لم تتبين منه آيات مسارعة يمنية إلى طي صفحة الحرب. ولم يُسعِد أحداً استمرارُ مطالعة صورة البلد «غير السعيد» بحالته الراهنة ضمن إطار تهديد السلم والأمن الدوليين، بفضل المرصودين دولياً وداخلياً ممن غرَّتهم الظروف فتمادوا فيما يعتنقون من أوهامٍ تكسر أعناقهم.

لجنة الجزاءات أو العقوبات المنشأة في فبراير ( شباط) 2014م، وتجددت ولايتها مؤخراً نوفمبر (تشرين الثاني) 2024م، رصد تقريرها المرفوع إلى مجلس الأمن (أكتوبر «تشرين الأول» 2024)، خروقات العام 2023 - 2024؛ أظهر التقرير «كلمة سر» معروفة: الخارج... في سياق إيراد «المعدات العسكرية التي استعرضتها جماعة أنصار الله: الحوثيين في صنعاء (سبتمبر - أيلول 2023)». تجزم اللجنة بأن الميليشيا «لا تمتلك القدرة على تطوير وإنتاج معظم المعدات... دون مساعدة خارجية».

واختتمت تقريرها التاسع بتوصيات موجَّهة إلى الخارج تخص دعم الحكومة الشرعية: «حثّ المجتمع الدولي على مساعدة السلطات اليمنية...»، و«حث جميع الدول الأعضاء -في مجلس الأمن- على توفير الموارد الكافية لتعزيز قدرة حكومة اليمن...».

في الواقع ما من جهة يمنية -شرعية وغيرها- تدّخر الطلب من الخارج الذي يحظى بحضور «تاريخي» داخل اليمن منذ عهد سيف بن ذي يزن الذي جلب الفُرسَ لإجلاء الأحباش عن الأراضي اليمنية في القرن السادس الميلادي. مِن يومها، تخلّقت عقدة «اليزنية» المتوارثة عبر تاريخ اليمنيين. ولمَّا استفحلت خلافاتهم ونزاعاتهم في أثناء القرن العاشر الميلادي استدعوا الإمام الهادي يحيى بن الحسين... وعند بلوغ ثاني عقود القرن الحادي والعشرين جذب اهتمام مجلس الأمن الدولي بأزمات اليمنيين حتى صار يُقال عنه «مجلس (اليمن) الدولي».

مثل أي موقعٍ مُطِل على ممر دولي، يفرض الموقع الاستراتيجي للجمهورية اليمنية الانشغال بشؤونه... فضلاً عمَّا يحيطه من دولٍ مؤثرة دولياً تتفاعل حتماً مع حوادث الجار اليمني، تطوراً وتدهوراً، لئلا يُترَك وحيداً.

ما دامت مصائب ومصاعب اليمن تؤثر في مصالح الغير وتهدده، فإن الداخل اليمني يتصدر مشاغل الخارج الذي يُستدعى ويُطلَب إمَّا لمبادرات حل الأزمات غالباً وإمَّا لتأييد التطورات الإيجابية، وأحياناً للتأديب وفق القانون الدولي... إنما هل يطول تطوع الخارج للانشغال الدائم بـ«دواخل» اليمن، فيما لا يبالي اليمنيون بتحسين «دواخلهم»؟

يُرتجى هنا إظهار «كلمة سر» أخرى: الإرادة الداخلية. لا يُقصَد إرادة المواجهة العسكرية بوصفها خياراً اضطرارياً يفضله بعضٌ ويتفاداه بعضٌ آخر؛ إنما إرادة مواجهة «الذوات» اليمنية لنفسها... ثم لبعضها استعداداً لتشغيل عمليات تجاوز الماضي والسعي إلى المستقبل إثر توافق وتفاهم مشترك يسترجع الحكمة اليمانية المغيبة والإيمان الوطني.

سيُحسَب لأطراف «اليمننة» التخفف من أثقال الاشتراطات، والدعاية والتباهي، وأوهام المؤامرة، عند إبداء قابلية استئناف لقاءاتهم المباشرة على طاولة المفاوضات أو... جلسة «القات» الممقوت... طبعاً لن تُصفي الجلسة الأولى ما زرعته السنون الماضية، إنما ستمهِّد لجلسات ولقاءات تَحرُّر من داءِ النزاع، من باب:

إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها

تذكرت القربى ففاضت دموعها

ومن ثمَّ تحري استعمال دواء ناجع يحفز خلايا الفئات اليمنية، نساءً ورجالاً، على المشاركة في بناء اليمن لا في فنائه، أكان لحل القضايا الإنسانية المجمدة أم غيرها من قضايا محددة وفق خريطة الطريق الأممية. وذلك لكي يوالي الخارج إعانة ومساندة الاهتداء إلى المسؤولية المشتركة إزاء وطنهم ومحيطهم.

هل سيسعد الداخل والخارج معاً بصدور تقرير خاص من «لجنة مصالحة دولية» يُظهِر «كلمة سر» مختلفة لوقف تشغيل «لجنة العقوبات الدولية»، وهي: #السلام_لليمن؟