لكل كشف قصة مثيرة، وهناك قصة لطيفة حول الكشف المهم للمدينة المفقودة الذهبية، والتي قمت بكشفها بالبر الغربي للأقصر إلى الشمال من معبد الملك رمسيس الثالث بمدينة هابو.

هذه المدينة هي أكبر وأهم مدينة يعثر عليها من العصر الفرعوني، وقد أشارت الصحف العالمية إلى أن هذا هو أهم كشف أثري في العالم لعام 2021 وأنه أهم كشف أثري حدث في مصر بعد كشف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون. أما قصة الكشف فقد حدث أن بدأ البحث في الأقصر عن المعبد الجنائزي الخاص بالملك توت عنخ آمون لأن أغلب معابد الأسرة الثامنة عشر لم يتم كشفها بعد.

أما بالنسبة لمعبد الملك توت، فرغم وجود المقبرة في وادي الملوك فإن المعبد تم بناؤه في المنطقة المقدسة للإله آمون في مدينة هابو. ومن المعروف أن مدينة هابو هي المنطقة المقدسة لآمون الذي كان يعبد في الدولة الحديثة بصورة كبيرة. وأيضاً لدينا دليل على أنه المكان الذي كانوا يقومون فيه بعمل الطقوس اليومية داخل المعبد. لذلك بدأت أعمال الحفائر العلمية في الناحية الشمالية من المعبد التي كشف فيها في القرن الماضي عن طريق هولشر العالم الأميركي عن معبدين؛ الأول ينسب إلى الملك آي الذي جلس على العرش بعد وفاة توت عنخ آمون الذي لم ينجب. وداخل هذا المعبد قام آي بعمل وديعة أساس، أي حفرة داخلها آثار لكي يثبت نسب المعبد له. بالإضافة إلى أنه أقام تمثالين في حالة شبيه للملك توت عنخ آمون؛ أحدهما معروض الآن داخل متحف شيكاغو. ويعتبر من أجمل وأكبر تماثيل الملك توت عنخ آمون، والآخر معروض بالمتحف المصري بالقاهرة، وقد سافر هذا التمثال إلى مدن كثيرة حول العالم مع آثار معرض توت عنخ آمون.

بعد الحفائر تأكد أنه معبد الملك آي، ولكن الذي بدأ بناءه هو الملك توت عنخ آمون. وفي إحدى زياراتي للمكان جلست أمام المعبد وقلت لمساعدي الدكتور عفيفي رحيم ماذا يوجد في هذه الأرض الخالية؟ واقترحت عليه أن نبدأ الحفائر بها. وبالفعل عثرنا من أول ضربة فأس على منزل أحد العمال والذي قادنا إلى الكشف عن مدينة كاملة، كأنها بنيت بالأمس. أما المفاجأة الجديدة داخل المدينة هو العثور على اسم سمنخ كارع وهو يحتفل بعيد السد الثاني ولذلك أعتقد أن الملكة نفرتيتي قد حصلت على هذا الاسم بعد وفاة أخناتون وهو اسم العرش. ونحن نعرف أن اسم الملكة نفرتيتي قد اختفى تماماً في منتصف عهد الملك أخناتون، وذلك لأنها اشتركت في الحكم وغيرت اسمها إلى نفر نفرو آتون.