عُرفت السعودية بأنها الدولة الأولى عالمياً في إنتاج وتصدير النفط والأهم من ذلك صاحبة الدور الرئيسي في ضبط سوق النفط العالمي، ودفعت الغيرة من هذا المركز القوي بعضهم بأن يعير بلادنا "بالصحراء والنفط والجمل" وكأننا لا نملك إلا هذه الصفة التي نعتز بها في الوقت نفسه مع تجاهل الإرث الحضاري والتاريخي الذي يشهد به المنصفون ممن يقرأون التاريخ بشكل محايد وبقلوب سليمة.

وأضافت السعودية إلى صفاتها الإنسانية العديدة صفة عرفت بها من قبل وأبرزتها الآن بصورة أقوى وأوضح وهي حب الخير لجميع شعوب العالم مثل ما تقدم لشعبها، وكمثال حي ومهم على ذلك الاهتمام بموضوع المياه عالمياً، وخلال الأسبوع الماضي عقدت في الرياض "قمة المياه الواحدة" التي تأتي تأكيداً لدور السعودية الريادي دولياً في التصدي لتحديات المياه حول العالم من حيث الاستدامة.

وكما قال ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في افتتاح هذه القمة: "إن انعقادها يبرز إصرارنا على مواصلة العمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية المتعلقة بندرة المياه والجفاف"، ويتزامن انطلاق هذه القمة مع استضافة السعودية للمؤتمر السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر الذي يهدف إلى الحد من تدهور الأراضي والجفاف حيث تعد الأراضي الوعاء الرئيسي للمياه العذبة ويواجه العالم اليوم تحديات متزايدة في قطاع المياه.

واشار ولي العهد إلى الدور السعودي في إدراج موضوعات المياه للمرة الأولى ضمن خريطة مجموعة العشرين خلال مدة رئاستها لها عام 2020 إضافة إلى تقديمها تمويلات تجاوزت مبلغ 6 مليارات دولار أمريكي لدعم أكثر من 200 مشروع إنمائي في قطاع المياه في أكثر من 60 دولة نامية حول العالم، وكانت السعودية قد أعلنت تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرها في مدينة الرياض.

وتهدف هذه المنظمة إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، واختتم الأمير محمد بن سلمان كلمته بدعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والقطاع الخاص إلى الانضمام إلى هذه المنظمة مع الأمل أن تسهم جهود المجتمع الدولي لمعالجة تحديات المياه وتحقيق الأهداف التي نصبو إليها جميعاً.

وأخيراً، اهتمت السعودية بتوفير المياه منذ عهد الملك عبدالعزيز حيث بدأت عمليات محدودة لتحلية مياه البحر، وذلك لمقابلة الظروف المناخية التي تتسبب في ندرة المياه الجوفية، وقد قدرت متطلباتها من المياه عام 2015 بنحو 25 مليار مترمكعب مع زيادة سنوية ثابتة بـ7% ويعد قطاع الزراعة هو المستهلك الأكبر للمياه بـ84% من إجمالي الطلب على المياه وتشكل المياه المحلاة المورد الأول في السعودية إلى جانب المياه الجوفية المتجددة والمياه السطحية والمياه المعالجة، وفي مجال المياه المحلاة أنشأت 35 محطة تحلية للمياه تقع على الساحلين الشرقي والغربي وبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية لتحلية المياه أكثر من 11 مليون مترمكعب يومياً وذلك في 2024 ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وتضع السعودية خبرتها في مجال المياه أمام العالم للاستفادة منها وذلك يجعل الرياض عاصمة للنفط والمياه في وقت واحد.