"تمرّ أحياناً عقود لا يحدث فيها شيء، وتمر أسابيع تحدث فيها عقود"! هذا القول لمؤسس الاتحاد السوفياتي فلاديمير إيليتش أوليانوف – لينين يمكن أن يختصر 14 شهراً مرت بها المنطقة، وذلك منذ أن قامت حركة "حماس" بهجوم "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، فغرقت المنطقة في دوامة حروب بدءاً من حرب غزة الإسرائيلية التي انتهت بتدمير القطاع والحركة، ثم حرب "الإسناد" التي باشرها "حزب الله" بتكليف من محور "وحدة الساحات"، فانتهت بتدمير نصف الجنوب اللبناني وأجزاء واسعة من الديموغرافيا الطائفية الحاضنة للحزب، وتحطيم معظم قدراته العسكرية، ثم حرب إسرائيل غير المباشرة مع إيران في سوريا التي أنهكت محور طهران وأضعفت تمدده نحو بلاد الشام، فاتحة الباب أمام تل أبيب لكي تستهدف الداخل الإيراني بضربات نوعية زادت من هشاشة وضعيته العسكرية الفعلية. ولا ننسى تحريك إيران للحوثيين ودفعهم لتهديد الملاحة البحرية العالمية في باب المندب والبحر الأحمر، وأيضاً تهديد الأردن لجهة حدوده الشرقية مع العراق، وتهديد أمن مصر الاقتصادي بالضغط على قناة السويس. مع انهيار النظام السوري يوم أمس مصحوباً بخروج إيران عسكرياً وأمنياً، يمكن القول إن الانقلاب الجيوسياسي الذي ساد بين العام 2003 باجتياح العراق ودخول إيران المنطقة من أوسع أبوابها قد انتهى. ولعل انقلاب المشهد السوري أوقف في مكان ما تمدد المشروع الإيراني الذي دفع ذات يوم مسؤولين كباراً في طهران إلى التفاخر بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية. فقد خرجت عاصمتان من أصل أربع عن السيطرة الإيرانية. وفي ضوء الضربة الجيوسياسية الراهنة لم يعد من الممكن المحافظة على العاصمتين المتبقيتين بحوزتها. ولن نتفاجأ إذا ما شهدنا ترددات دراماتيكية لما حصل في كل من بغداد، صنعاء و… طهران نفسها!