ليست دولاً عربية وحدها مَن غيّرت أعلامها أكثر من مرة تبعاً للتطورات السياسية التي مرّت بها، كأن يكون لهذه الدول علم ما قبل أن تصبح دولة مستقلة، إما بالتحرر من هيمنة أجنبية عليها أو الانفصال عن دولة كانت جزءاً منها، أو لأن النظم السياسية في بعض هذه الدول تتغير بسبب انقلابات عسكرية أو ثورات، فيغير الحكام الجدد العلم بحيث يعبر عن هواهم، وإعلان القطيعة مع النظم البائدة كما تسمى، أو العودة إلى أول علم اعتمدته هذه الدولة، فقام أحد أنظمة الحكم التي تعاقبت عليها بتغييره إلى علم جديد، وحين يسقط النظام لهذا السبب أو ذاك، تعود البلاد إلى العلم الأصل.

يمكن لعلم أي دولة أن يكون موضع تنازع، حين ترى قطاعات من الشعب أو الأمة المعنية أن العلم الذي فرضه نظام الحكم في فترة ما لا يعكس هويتها ولا تاريخها، كما حدث مثلاً مع العلم الليبي الذي حوّله الزعيم السابق معمر القذافي إلى اللون الأخضر، على جري ما فعله مع أشياء أخرى اختار لها نفس اللون ككتابه الأخضر، فلا يعدو العلم، في حال كهذه، كونه رمزاً لنظام الحكم، أو كما فعل صدّام حسين حين أضاف عبارة «الله أكبر» على العلم المعتمد بعد تأسيس الجمهورية العراقية.

هناك دول استقرت على علم واحد رغم ما مرّت به من تحولات، حيث حافظت الأنظمة المتعاقبة عليه ولم تجد ما يستدعي تغييره، وبذا يصبح هذا العلم رمزاً ثابتاً دالاً على هوية البلد، ومعبراً عن إجماع وطني عليه، كما هي حال العلم اللبناني مثلاً، بشجرة الأرز التي تتوسطه.

مع سقوط نظام بشار الأسد، قبل أيام قليلة، قامت السلطات الجديدة بإنزال العلم السوري المعتمد عن المقرات الرسمية داخل البلاد والسفارات السورية في الخارج، ليحل محله علم تعتمده المعارضة منذ عام 2011، يتألف من خطوط أفقية باللون الأخضر والأبيض والأسود ويحمل ثلاث نجوم حمراء في المنتصف، وهو علم الجمهورية السورية الأولى، أو «علم الاستقلال»، التي تأسست بعد استقلالها عن الانتداب الفرنسي عام 1932، واعتمد كعلم رسمي للبلاد عندما نالت سوريا استقلالها في 17 إبريل/ نيسان عام 1946.

بقي هذا العلم مستخدماً حتى عام 1958، حين أعلن عن وحدة سوريا مع مصر، واعتماد علم جديد مشتق من علم مصر بعد ثورة عام 1952، والمكون من ثلاثة ألوان من الأشرطة الأفقية الأحمر والأبيض والأسود، وتميز علم الاتحاد عن العلم الأصلي بنجمتين باللون الأخضر في الشريط الأبيض، ترمزان إلى الجزأين المكونين للاتحاد. وفي المجمل، فإن التغييرات المتلاحقة لأعلام الدول هي، في أحد وجوهها، تعبير عن التقلبات المتتالية.