أعلنت هيئة قضايا الدولة في مصر أخيراً عن صدور حكم لمصلحتها في الدعوى التي رفعتها شركة قابضة وآخرون من الجنسية الكويتية ضد مصر أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي في واشنطن. ويعود تاريخ النزاع بين الطرفين إلى عام 2002 عندما وافقت الحكومة المصرية، وبتدخل قوي من عضو في البرلمان، وشريك مؤسس في إحدى الشركات الكويتية المساهمة، على الحصول على أرض زراعية مساحتها 110 ملايين متر²، في منطقة العياط، وتسجيلها باسم الشركة، مقابل 5 ملايين جنيه مصري (فقط لاغير)! بدا، منذ اليوم الأول، أن كبار الملاك حينها، ومن عظام رقبة الإخوان، كانوا على علم بأن الأرض زراعية، ولن يسمح باستغلالها لغير ذلك، لكنهم نجحوا باستصدار قرار من وزارة الري يفيد بعدم توافر مياه نيلية إضافية لري تلك الأرض، ومن الأفضل تغيير ترخيصها لتصبح صالحة للعمران، وتم اعتماد ذلك بموافقة رئيس الوزراء في عام 2007، ومعنى ذلك أن الشركة المصرية، المملوكة لإحدى الشركات الكويتية، ستحقق أرباحاً بعشرات المليارات، لقاء استثمار بسيط.

نتج عن انتشار خبر توقيع رئيس الوزراء المصري على تحويل الأرض الضخمة للاستثمار العقاري ارتفاع هائل في سعر السهم في بورصة الكويت، حقق من ورائه كبار المستثمرين، من كبار ملاك الشركة، مبالغ فلكية، وباعوا جزءاً كبيراً من حصصهم. لكن سرعان ما واجهت المشروع مصاعب عدة، مع تغير القياديين، وحسد المنافسين لهم، بعد أن تردد أن الشركة قامت ببيع قطع من المشروع للغير، كما قامت بأعمال التعدين والتنقيب عن الثروات والمعادن فيها، وتسبب ذلك بضرر لتل أثري، وبدأت الرياح تجري بعكس الاتجاه، فقام أغلب مؤسسي الشركة ببيع ما تبقى من أسهمهم، حيث قامت بالفعل بعدها الحكومة في ٢٠٠٦ باتخاذ الإجراءات القانونية لفسخ التعاقد المبرم مع الشركة، فانهارت أسهم الشركة المالكة لها في الكويت، وتضرر آلاف حملة الأسهم من الإلغاء، مع خروج أغلب كبار مؤسسي الشركة منها.

تغيّر مجلس إدارة الشركة تالياً في الكويت، وقامت الجهات التي تمثلها برفع دعاوى دولية على الحكومة المصرية، لإخلالها بالاتفاق، مع استمرار الأخيرة على مواقفها، وهذا دفع الشركة للدخول في منازعات قضائية دولية مع الحكومة المصرية، مطالبين بتعويض عن الأضرار التي زعموا أنها تزيد على 8 مليارات دولار، نتيجة فسخ اتفاقية بيع الأرض بطريقة متعسفة. وطعنت هيئة قضايا الدولة المصرية في الادعاءات وقدمت دفاعًا أدى في النهاية لكسبها، وإلغاء المشروع كلياً، ودفع تعويض بسيط للشركة. مثلت القضية في حينها إحدى أخطر القضايا في سوق الأسهم، بعد خروج اغلب مؤسسيها وكبار حملة أسهمها منها كخروج الشعرة الإخوانية من العجين المصري، ليتعرض بقية حملة أسهمها لخسائر كبيرة. حدث كل ذلك جهاراً نهاراً، ومع هذا لم تُطَل، أو تمس سمعة المسؤولين عن الشركة بخدش، واستمروا في ادعاء البراءة، والظهور في مختلف المقابلات، وتصدر المجالس.

جاء هذا المقال كرد فعل على خلفية قيام جمعية أهلية أخيراً بنشر أسماء «كوكبة» (!!) من أبناء الكويت البررة لعام 2024، الذين ستقوم بتكريمهم، وبينهم من كانوا أعضاء في مجلس إدارة تلك الشركة!


أحمد الصراف