ستبقي تواريخ ثابتة في السجل العربي، منها (8) ديسمبر 2024 يوم تحرير سوريا من حكم الأسد وتسلط الأقليات والنفوذ الروسي، والإيراني وإخراج سوريا من العروبة لأكثر من نصف قرن، فقد أعلنت إيران أنها تحتل (4) عواصم عربية: دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء.

ارتبط تاريخ سوريا ارتباطاً وثيقاً بتاريخ وحضارات عربية عريقة: خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد، قامت في سوريا حضارات كثيرة: الكنعانيون، الأموريون، الفينيقيون، الأراميون.

حكم الكنعانيون معظم المناطق السورية، أما الفينيقيون فقد استوطنوا على امتداد الساحل السوري مؤسسين إمبراطورية بحرية في منطقة غرب سوريا، وامتدت ممالك الأراميين في معظم أنحاء البلاد السورية، أما في العصر الإسلامي فيمكن عرضه كالتالي:

الخلافة الراشدة: في عهد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهاية حروب الردة في الجزيرة العربية عام 633 أرسل أبو بكر الصديق ثلاثة ألوية حربية إلى الشام لمحاربة البيزنطيين بقيادة عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، رضي الله عنهم، وعززهم بعد ذلك خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، وعدد من القبائل العربية أبرزها قبيلة بني شيبان وبني تغلب وعموم المناذرة. وبعد خلافة أبي بكر تابع الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سياسة الفتوح والحرب، فاستسلمت دمشق بعد حصار دام ستة أشهر.

وكان كتاب الأمان المعطى لأهلها نموذجًا لاستسلام سائر المدن السورية، ففتح أبو عبيدة بن الجراح حمص وحماة ومعرة النعمان وأفاميا وطرطوس وبانياس صلحًا دون قتال عام 63، وقد شهد ذلك العام أيضًا معركة اليرموك في أغسطس والتي مُني بها البيزنطيون بهزيمة ساحقة شكلت انطلاقًا للمرحلة الثانية للفتح، فاستطاع أبو عبيدة بن الجراح فتح حلب وجوارها ومدن الفرات دون قتال أيضًا.

عين عمر بن الخطاب القائد يزيد بن أبي سفيان واليًا على سوريا وإثر وفاته عيّن أخاه معاوية بن أبي سفيان واليًا عليها عام 640، وعندما بويع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة في يونيو 656 رفض معاوية مبايعته واستمرت الحروب بين الفريقين حتى اغتيال الخوارج لعلي في 24 يناير661. وفي الخلافة الراشدة تم فتح نحو 40 % من مساحة العالم الإسلامي.

الدولة الأموية : في عام 661م تنحي الحسن بن علي عن الخلافة فأخذت البيعة لمعاوية فتأسست بذلك الدولة الأموية وعاصمتها دمشق. استمر الأمويون بحكم سوريا حتى عام 132، اهتم الأمويون بالعمارة، شيّد المسجد الأموي في دمشق الوليد بن عبد الملك، ثم المسجد الأموي في حلب، وكانت الدولة الأموية قد أضافت وحدها مانسبته نحو 60 % من مساحات العالم الإسلامي، دون 40 % التي حققته الخلافة الراشدة، أما الدول التي أتت فيما بعد فكان دورها المحافظة على مساحة العالم الإسلامي.

الدولة العباسية : استطاع العباسيون بقيادة أبي العباس السفاح الانتصار على جيش الأمويين بقيادة آخر خلفائهم مروان بن محمد عام 749، فزال بذلك العهد الأموي، ونقل أبو العباس السفاح عاصمة الدولة إلى الكوفة. لاحقًا في عام 762 بنى أبو جعفر المنصور مدينة بغداد لتكون عاصمة جديدة للدولة العباسية.

عاشت الدولة العباسية عصرها الذهبي بين عامي 775 و847 تراجعت خلالها مكانة سوريا، غير أن الخلفاء العباسيين قد أدركوا أهمية موقع الشام (دمشق ) كطريق تجاري وصلة وصل ومركز حربي مع الإمبراطورية البيزنطية واستقرار عدد كبير من القبائل العربية ذات القوة والسلطان فيها.

الدويلات في العهد العباسي: يحدد الباحثون خلافة تاسع الخلفاء العباسيين المتوكل على الله تاريخًا لبدء اضمحلال الدولة وتفككها إلى دول مستقلة تخضع لسيادة بغداد اسميًا، فتوالى الإخشيد والقرامطة والطولونيون والحمدانيون فالمرادسيون والعقيليون على حكم سوريا، واستطاع البيزنطيون استعادة أنطاكية وحلب عام 962، ثم برزت الخلافة الفاطمية في مصر والتي تمكنت من احتلال دمشق ومدنًا سوريّة أخرى بداية القرن الحادي عشر، غير أن السلاجقة قاموا بطردهم وأسسوا دولة في دمشق والجنوب السوري بزعامة تتش بن ألب أرسلان.

في ظل هذه الأوضاع وصلت الحملة الصليبية الأولى إلى الشرق، ودخلت الرها في 6 فبراير 1098 سلمًا، ثم فتحت أنطاكية في أغسطس 1098 ومنها انتقلت في سربين ساحلي وداخلي نحو الجنوب، فسقطت طرطوس في يناير 1099، وصالح ابن عمار والي طرابلس الحملة التي استمرت على الطريق الساحلي نحو الجنوب حتى استولت على القدس في 12 تموز/ يوليو 1099 ضمن حدود سوريا اليوم.

الدولة الزنكية : برز في سوريا عام 1127 عماد الدين زنكي والذي اتخذ من حلب عاصمة له. استطاع عماد الدين زنكي استعادة إمارة الرها من الصليبيين، وحاول الصليبيون كرد على سقوط الرها احتلال دمشق خلال الحملة الصليبية الثانية، بيد أن الحملة قد باءت بالفشل ولم تحقق أهدافها. لاحقًا استطاع نور الدين زنكي ابن عماد الدين ووريثه أن يفتح دمشق التي كانت تحت حكم السلاجقة ثم فتح مصر وقضى على الخلافة الفاطمية.

الدولة الأيوبية : إثر وفاة نور الدين زنكي برز صلاح الدين الأيوبي الذي قبض على الحكم في بلاد الشام ومصر ومناطق متفرقة أخرى، مؤسسًا الدولة الأيوبية كما استطاع استعادة القدس من الصليبيين عام 1187، لكن فتوحه في الساحل السوري قد اقتصرت على بعض القلاع والحصون.

دولة المماليك: غير أن هذه المهمة قد تركت للمماليك الذين خلفوا الأيوبيين في حكم بلاد الشام ومصر عام 1250، فاستطاع الظاهر بيبرس فتح أنطاكية في 21 مايو 1268 وطرابلس عام 1285 فعكا عام 1291 منهيًا بذلك العصر الصليبي، وقاوم المماليك المغول أيضًا ودحروهم في معركة عين جالوت عام 1260 بعد أن كان المغول قد دمروا حلب وحمص وأحرقوهما، غير أن تيمورلنك أعاد الكرّة على سوريا بعد قرن ونصف، فاحتل حلب عام 1400 وحمص وحماة ودمشق عام 1401، وأحرق المسجد الأموي.

استطاع المماليك استعادة سوريا وقسموا بلاد الشام إلى ست نيابات، ثلاث منها في سوريا الحالية هي: دمشق وحلب وحماة. تميز العهد المملوكي عمومًا بكثرة الانقلابات العسكرية الداخلية والحروب والمجاعات والأوبئة فضلًا عن اندثار الثقافة وانتشار الأمية والفساد في السلطة، وقد انخفض عدد سكان سوريا إلى الثلث خلال حكمهم،ولم يبال السكان بانهيار الدولة المملوكية إثر معركة مرج دابق، وفتح السكان أبواب مدنهم سلمًا للعثمانيين.