ثلاثون حلقة وأنت تتساءل «القاتل من يكون؟»، التكهنات كثيرة، والشكوك تطال كل الشخصيات، وتجعلك تربط الخيوط بعضها ببعض وكأنك شريك في مهمة التحقيق في قضية مقتل ندى عشماوي (نادين)، وقضية اختلاس الأموال من البنك.. تشويق نجح صناع مسلسل «رقم سري» في المحافظة على خطه التصاعدي منذ الحلقة الأولى وحتى الثلاثين التي اختتموا بها العمل قبل أيام قليلة، ولكن التشويق ليس السبب الوحيد لهذا النجاح، بل لفريق العمل وللممثلين دور كبير في جعلنا ننتظر ونتابع ونحب «رقم سري». الأعمال البوليسية تفقد رونقها إذا لم ترتكز على أساس متين، والأساس فيها هو الكتابة من تأليف وسيناريو وحوار، يليها الإخراج ومعه التمثيل الذي يستطيع إقناعك ويُدخل إلى نفسك الشك والقلق وربما الخوف.. ومن حسن حظ الجمهور أن فريق التمثيل في المسلسل فاق في بعض المراحل الورق المكتوب، فجاء أداء الممثلين كلهم أقوى من السيناريو وأقوى من الأحداث التي شهدت ثغرات لم ينتبه لها المؤلف محمد سليمان عبد المالك، خصوصاً في حيثيات القضية وطريقة عمل المحامي لطفي عبود (صدقي صخر) وزميلته أو عدوته اللدود ماجدة علوان (ناردين فرج)، وحتى في طريقة إظهاره ضباط المباحث وكأنهم يصلون إلى الحقائق من باب الصدفة أو بعد تحرك أشخاص وبتحريض منهم.. «رقم سري» هو الجزء الثاني من المسلسل الذي نال نجاحاً كبيراً «صوت وصورة» العام الماضي، لنفس المؤلف ونفس المخرج محمود عبد التواب، مع فريق العمل الرئيسي، صدقي صخر (المحامي لطفي عبود)، عمرو وهبة (مساعده وافي معتمد)، أحمد شاهين (المحامي المساعد مصطفى جاويش)، رامي الطمباري (المقدم حسين) ومصطفى عمر (الضابط شريف)، أضيف إليهم نجوم القصة الثانية «رقم سري»، ياسمين رئيس التي بدت عادية بدور لقاء إسماعيل، بينما تألق أحمد الرافعي وكأنه حرباء تتلون في شخصية رجل الأعمال الماكر عمرو أنيس، يملك قدرات عالية في سرعة الانتقال من هيئة العاشق المبتسم إلى الإنسان الخبيث الداهية الشرس..
وتألق محمد عبده بشخصية مجدي موظف البنك، متلون إنما الخبث لديه واضح، إنسان متسلق طامع في المنصب، محمد عبده لديه قدرات عالية تمكنه من سرعة الانطلاق نحو النجومية إذا أتيحت له الفرصة.. لا نغفل طبعاً أداء صدقي صخر وعمرو وهبة ورامي الطمباري، الذين منحوا شخصياتهم مذاقاً خاصاً، وننتظر المزيد من لقاءاتهم في قضايا جديدة، لكن المهم أن يمنحهم المؤلف مصداقية أكبر في أهمية وطبيعة عملهم ودورهم في حل ألغاز القضايا والجرائم، ففي هذا الجزء كان المحامي لطفي عبود مجرد متلقٍّ، دائم الدهشة، تصله المعلومات جاهزة فيفاجأ بها وبقي التركيز على طبيعته النقية وشخصيته الرافضة للخداع والتحايل أكثر بروزاً من دوره كمحامٍ، كذلك المقدم حسين تلقى المعلومات أكثر مما قام باكتشاف ثغرات مهمة، بينما قامت لقاء بالدور الأكبر في التحرك لحل الألغاز!.
التعليقات