عبده الأسمري
اكتمل في صوته «البيان» بدراً حتى أضاء «الذاكرة» بفصل الخطاب وأصل الجواب في مسيرة مباركة تجللت بدواعي «المهنية» وتكللت بمساعي «الوطنية».
تجلى اسمه في أفق «الزمن الجميل» وتوطدت علاقته ما بين الأحداث والأحاديث فكان صاحب الصوت المختلف والصدى المؤتلف المقترن ما بين الوصف والتعليق وما بين التوصيف والتشويق.
امتلك «مهارة» المهنة وحصد «جدارة» المهمة بمقومات «الإبداع» ومقامات «الامتاع» الذي وزعه ببذخ في متون من الجودة وشؤون من الإجادة.
اتخذ من «التواضع» مكاناً قصياً مبتعداً عن «ضياء» المناصب معتمداً على سطوع حاضر وإشعاع ناضر ملأ الشاشات بأناقة الحضور وبلاغة التقديم.
إنه الإعلامي والمذيع الشهير الدكتور محمد كامل خطاب أحد أبرز الإعلاميين والمذيعين من الجيل الذهبي بالسعودية والخليج.
بوجه مديني بحكم النشأة واحتكام التنشئة وتقاسيم تتكامل مع أسرته العريقة وتتماثل مع عائلته الأصيلة وعينان تسطعان بنظرات «الإنصات» وأناقة وطنية تعتمر تشكيل شخصي فريد وشخصية هادئة الطباع أنيقة التعامل لينة الجانب خلوقة التواصل نبيلة الوصال مسكونة بالهدوء والتروي وصوت «مسجوع» بنغمة أنيقة ولكنة شيقة تتوارد منها عبارات «الإلقاء» وتتسطر فيها اعتبارات «العطاء» وفصاحة تتسامى وسطها المعاني اللغوية وحصافة تتجلى منها المعالم البلاغية ومخزون «لغوي» فاخر ومكنون «بياني» زاخر مقامه أصول «التخصص» وقوامه فصول «الاختصاص وصدى صوتي يتردد من حنجرة «فريدة» ومدى لغوى يتمدد من موهبة «منفردة» قضى خطاب من عمره عقودا وهو يملأ قاعات «الجامعات» بمنهجيات التدريس ويبهج استوديوهات «الإعلام» بمناهج التأسيس ويضيء الشاشات «الفضية» بأصداء الأداء مذيعا وإعلاميا وأستاذا وخبيرا كتب سيرته بمداد الحرفة وأضاء مسيرته بسداد الاحترافية حتى حفر اسمه بحروف «الضياء» على صفحات «الاستذكار» وومضات «الاعتبار».
في المدينة المنورة أرض الطهر وموطن الخير ولد عام 1359هـ في حارة المحمودية العتيقة جنوب المسجد النبوي وتفتحت عيناه على أب قدير فاضل وأم مكافحة متفانية وأسرة مدينية اشتهرت بالمكارم والفضائل وتوارثت عبر أجيالها إرث «الوفاء» وأثر «المروءة» فنشا محفوفاً بتاريخ مجيد وضعه أمام مجهر «الاقتداء» الذي أضاء له مسارب الطفولة بمشاعل من النصح والتوجيه.
تعتقت نفسه صغيراً برياحين «الطهر» وتشربت روحه مضامين «الحسنى» على ثرى طيبة الطيبة «الطاهر» وتنفس نسائم «يثرب» المسكونة بأنفاس الروحانية والطمأنينة وارتوى من معين «التربية الفالحة» قيم الإخلاص والأمانة والصدق والجود فنشأ في «أحضان» السكينة وسط أجواء الحرم النبوي مرتوياً من رشفات «زمزم» ومنتسباً الى حلقات «التحفيظ» ومنجذباً إلى الروضة الشريفة فكبر وفي وجدانه «عظم» المكان و»سمو» الزمان.
ركض خطاب مع إخوته وأقرانه بين أحياء قباء وباب المجيدي والشامي وحارات الساحة والمناخة مراقباً نداءات «الرزق» في «دكاكين» سوق البلد ومستأنساً بابتسامات «الرضا» في أعين العابرين على عتبات «الترحال» وتوسمت ذاكرته الغضة بخشوع السائرين إلى «ساحات» المساجد التاريخية وامتلأت مواطن طفولته بمشاهد الحنين وشواهد اليقين في محطات حياتية عامرة بالمصابرة والمثابرة.
أنصت خطاب طفلاً لأصوات «المذيعين القدامى» القادمة عبر أثير عربي ومحلي في «مذياع» والده العتيق وظل ينفذ بروفاته الأولى المشفوعة ببراءة الصغر وجراءة النبوغ وعفوية الطفولة فتواردت بصائر أقاربه على تحوله لمشروع مستقبلي ناجح يضيف إلى أرصدة «الإعلام» رقماً جديداً قادماً بأدوات النباغة ومستلهماً إمكانات البلاغة والتي تحققت واقعاً أمام البصر في مستقبل واعد للطفل المثابر.
في عام 1365هـ التحق خطاب بالمدرسة المنصورية ودرس فيها الحساب والعلوم الشرعية والعربية وفي عام 1370هـ حصل على الشهادة الابتدائية والتحق بالمرحلة المتوسطة ثم نال الشهادة الثانوية عام 1375هـ من مدرسة طيبة الثانوية. التحق خطاب بالدراسة الجامعية وعمل معها في وظائف متعددة
حيث انضم عام 1380هـ إلى إذاعة الرياض كمذيع براتب 800 ريال شهرياً وفي عام 1385هـ عين على وظيفة «مدير البرامج بالإذاعة» ثم انتقل الى التلفزيون كمستشار للبرامج براتب وصل الى 1200 ريال.
وبعد حصوله على الشهادة الجامعية واصل دراسته لتحضير الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية وحصل عليهما بتفوق وعاد إلى السعودية ليعمل عضوا في هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ثم ترأس قسم الإعلام فيها ثم انتقل منها إلى جامعة الإمام محمد بن سعود وارتبط بالتدريس في معهد الإدارة العامة والمعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية.
ترأس خطاب بعض الوفود الإعلامية التي رافقت عددا من الملوك في رحلات خارجية وعمل مستشاراً غير متفرغ في كل من وزارة الحج والأوقاف والمديرية العامة للدفاع المدني ووكالة وزارة الإعلام لشئون التلفزيون.
اعد خطاب وقدم العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية ومن أشهرها البرنامج الأسبوعي «أحداث العالم في أسبوع». وأشرف على عدد من رسائل الماجستير بقسم الإعلام في عدد من الكليات والجامعات ونشر عدة بحوث علمية في بعض المجلات المتخصصة. ومثل قسم الإعلام بجامعة الملك سعود في بعض المؤتمرات والندوات العلمية خارج المملكة. وشارك في بعض لجان التوظيف للوظائف الإعلامية بديوان الخدمة المدنية.
وعمل رئيسا لقسم الإعلام بكلية الدعوة بجامعة الإمام محمد بن سعود فرع المدينة المنورة.
وفي يوم الخميس الموافق 20 من شهر صفر للعام 1421 فجع الوسط الإعلامي بوفاة الدكتور محمد كامل خطاب إثر حادث مروري وقد صلي عليه في المسجد النبوي الشريف وووري جثمانه ثرى المدينة المنورة التي ولد بها وتوفي على أرضها وأكمل أواخر حياته بين ثنايا رحابها الطاهرة.
وقد نعاه رفقاء دربه وزملاؤه في مقالات متعددة واستطرد الكثير من تلامذته الذين نهلوا من علمه مناقب وصفات الراحل مؤكدين على انفراده وتميزه على الجانبين الشخصي والعملي.
حصد خطاب أسبقية الأداء الصوتي وأحقية التفوق الإعلامي وجمعه ما بين العملين الإذاعي والجامعي وكما كان بارعاً في مهنيته كمذيع ظل بارزاً في احترافيته كأستاذ جامعي جمع الكفاءة والاتقان وقد تخرج على يديه العشرات من المبدعين الذين نهلوا من عطاءاته في الإذاعة والتلفزيون والجامعات.
أشتهر خطاب بنبرة صوتية مختلفة وبرع باقتدار في كل البرامج والنشرات التي قدمها والتي تجلت في هيئة «منهجية إعلامية» مميزة من الإعداد والتقديم والإلقاء والخطابة والترتيب والأداء في منظومة ارتبطت باسمه وظلت شاهدة على «زمن» جميل وجيل أجمل.
محمد كامل خطاب.. المذيع الأنيق والإعلامي الشيق.. المهني المضيء في الذاكرة الإعلامية والاسم الساطع في السيرة المهنية.
التعليقات