علي عبيد الهاملي

يحتفل العالم الليلة بتوديع عام واستقبال عام.

هكذا جرت العادة، فهل سنودع الليلة عاماً مضى ونستقبل عاماً جديداً، مثلما يحدث في مثل هذه الليلة كل عام؟ أم أننا سوف نأخذ فاصلاً ونواصل، مثلما يحدث في البرامج الحوارية التي نشاهدها على القنوات التلفزيونية؟

ربما كان هذا هو أقرب تشبيه أراه مناسباً للأحداث المتسلسلة التي جرت منذ عام 2023م، الذي لا أستطيع أن أطلق عليه العام الماضي، تماماً كما أنني لا أستطيع أن أطلق على عام 2025 العام المقبل، لأنني لا أشعر بأننا سوف ننتقل من عام إلى عام.

كنا في تلفزيون أبوظبي نعد برنامجاً في نهاية كل عام نطلق عليه «حصاد العام».

وكنت غالباً ما أقدّم هذا البرنامج، الذي نستعرض فيه أحداث العام الذي يوشك أن ينتهي، وكان البرنامج يبدأ في الساعتين الأخيرتين من العام الذي سيرحل وينتهي في الدقيقة الأخيرة منه، وهو ما تفعله بعض القنوات التلفزيونية الآن، وإن كان بشكل مغاير تقتضيه دورة الزمن وطبيعة المشاهد اليوم.

في ضوء هذه الاستعادة لما كان يحدث في السنوات الماضية يبدو المشهد هذا العام مختلفاً، لأن ما حدث هذا العام، وهو كثير ومختلف وصادم بشكل كبير، كان امتداداً لما حدث عام 2023م، ولأن الكثير منه لم يكتمل بعد، فهو بحاجة إلى حلقات أخرى، على طريقة المسلسلات المكسيكية والتركية ذات الحلقات الممتدة، كي يتضح مسار الأحداث، وتتصاعد الإثارة، ويحقق أبطال المسلسل أحلامهم في النهاية، أيّاً كانت اللغة التي يتحدث به هؤلاء الأبطال، الذين عادة ما تكون حواراتهم مدبلجة باللهجة السورية.

في ظل هذا الواقع نتوقع أن تُطفأ أضواء هذه الليلة ويعاد فتحها على الوجوه نفسها التي كانت في القاعة قبل إطفاء الأضواء، لتواصل أداء الأدوار التي كانت تقوم بها حتى تكتمل حلقات المسلسل الذي لا نعرف منتجه، تماماً كما يحدث عندما يقول المذيع أو المذيعة: فاصل ونواصل، ثم نعود بعد الفاصل لنشاهد الوجوه نفسها، أو يتغير بعضها، لتستكمل الحوار الذي انقطع ثم عاد كي تكتمل الفكرة قبل أن ينتهي البرنامج ليبدأ البرنامج الذي بعده.

ثمة وجوه كثيرة، شاهدناها خلال هذا العام تقوم بأدوار مختلفة، بعضها قديم وبعضها الآخر جديد، نتوقع أن نراها في العام المقبل تستكمل أدوارها، وثمة وجوه أخرى نتوقع أن تختفي بعد أن أدت أدوارها، وثمة وجوه اختفت فعلاً فلم يكتب لها أن ترى ما سيحدث في العام الجديد الذي أصبح على الأبواب، رغم أننا نعيش في عالم بلا أبواب ولا نوافذ ولا جدران.

من المناظر المألوفة في نهاية العام الميلادي عادةً منظر شجرة عيد الميلاد، التي يحرص الإخوة المسيحيون على تزيينها ووضعها في بيوتهم، كما تحرص المجمعات التجارية ومراكز التسوق على توزيع عدد منها في ممراتها وأروقتها احتفالاً بالمناسبة التي لم يعد يقتصر الاحتفال بها على الإخوة المسيحيين وحدهم، وإن كانت عادة تزيين شجرة الميلاد سابقة للمسيحية، مرتبطة بالعادات الوثنية في إكرام الشجرة، كما تذكر المصادر التاريخية، إلا أنه تم تجريدها من طابعها الديني، ليرتبط بالمسيحية لاحقاً، وأصبحت مظهراً احتفالياً في العديد من الدول غير المسيحية، ومنها الدول العربية والإسلامية، خاصة تلك التي تؤمن بفكرة التسامح والتعايش بين البشر.

مسارح الأحداث المفتوحة لا توحي بأننا على وشك إغلاق ملفات وفتح ملفات، ولأن مسرح الأحداث الأكثر سخونة هذه الأيام هو سوريا، ولأن شجرة عيد الميلاد هي المظهر الأكثر حضوراً في نهاية العام، فسوف أذهب إلى هذا المشهد لأنهي به المقال:

في مدينة «السقيلبية» السورية ذات الأغلبية المسيحية، أضرم مسلحون ملثمون النار في شجرة عيد ميلاد كبيرة بأحد ميادين المدينة ومنعوا المواطنين من الاقتراب منها تحت تهديد السلاح، وقامت فرق الإطفاء بإخماد النيران بعد أن غادر المسلحون الملثمون الموقع.

عنصر من هيئة تحرير الشام علق على الحادثة قائلاً إن المسلحين الملثمين لم يكونوا سوريين، وتعهد بمعاقبتهم وإعادة ترميم الشجرة وإضاءتها، وقد أوفت الهيئة بتعهدها، وهو موقف ينسجم مع التصريحات التي أدلى بها أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة لسوريا في الحوار الذي أجرته معه قناة «العربية» يوم الأحد الماضي.

سوف نأخذ فاصلاً لالتقاط الأنفاس، ثم نواصل.