خالد بن حمد المالك

يبدأ اليوم الأحد، إنهاء حرب الإبادة على ثلاث مراحل، لا نعرف هل سيصمد الاتفاق بعد المرحلة الأولى، أو ستقوم إسرائيل بوضع العراقيل بإضافة شروط جديدة، ثم تلقي باللوم على حماس بأنها هي من تعيق إتمام المراحل المتبقية من الاتفاق.

* *

لهذا من المهم أن تكون هناك ضمانات لالتزام إسرائيل بالاتفاق، وأن تكون أمريكا تحديداً هي الضامنة بحكم أنها الداعم الأول في حرب الإبادة التي قامت بها إسرائيل ضد مواطني قطاع غزة، حتى لا نجد تل أبيب وقد تنصلت من الاتفاق بعد عودة أسراها من قبضة حماس.

* *

وعلينا أن نتذكّر اتفاق أسلو، وكيف أن إسرائيل اعتبرته وكأنه لم يكن بعد حصولها على اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، وإلغاء دستور الدولة الفلسطينية على حدود 1948م، وما إلى ذلك من شروط أملتها إسرائيل على الفلسطينيين مقابل التخلي عن أراض فلسطينية، تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية، وإذا بها تنكث في الاتفاق.

* *

وما يجعل تطبيق بنود هذا الاتفاق محل شك لكل مرحلة من مراحله الثلاث، أو بعد الانتهاء من تطبيقه كاملاً تلك التجارب السابقة مع إسرائيل فهي دولة مخادعة، وذات أطماع لا تنتهي في احتلال أراض ليست لها، سواء في فلسطين، أو الدول العربية المجاورة لها.

* *

ومع أن هذا الاتفاق لا يلبي أهداف ما سمته حركة حماس (طوفان الأقصى) فقد اضطرتها موازين القوى في الحرب التي مالت لصالح إسرائيل إلى القبول بهذا الاتفاق، خاصة بعد أن قُتل قادتها، وضُيِّق عليها من وصول أسلحة لها، فيما لم يعد لديها ما يكفي من السلاح للمقاومة، فضلاً عن عدد القتلى والمصابين والمفقودين المهول، وحجم الدمار الشامل.

* *

لقد فرح الأحياء في غزة بهذا الاتفاق، للإبقاء على ما بقي من سكان، ومن مبان لم يدمرها العدو، ولإيقاف حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل على مرأى ومسمع من العالم دون وجود ما يحول بين جرائم إسرائيل واستمرارها.

* *

وأمام هذا المشهد الحزين، والظلم الواضح، والاحتلال البغيض، ودعم أمريكا والغرب لمحتل ينكِّل بالفلسطينيين، ويحرمهم، ولا يعترف لهم بحقوقهم المشروعة، لم يكن أمام الفلسطينيين، ومنذ العام 1948م وإلى اليوم إلا مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية أحياناً بصدور عارية، وأحياناً بالحجارة، وتارة بما صنعه من سلاح متواضع، ما يدل على أن القوة لا تقهر الإرادة، ولا تمنع أصحاب الحق من التمسك بحقوقهم، وأمامنا ما جرى في قطاع غزة من مقاومة على مدى 15 شهراً.

* *

والآن أمام إسرائيل فرصة يجب عليها اقتناصها للبدء في حوار الدولتين تحت مظلة الأمم المتحدة، لتعيش في أمن وسلام، بعد أن تأكد لديها أن استخدام القوة لا يضمن ولا يؤمن لها الأمن والاستقرار، وأن ما أُخذ بالقوة يمكن أن يسترد بالقوة إذا فشل مبدأ التفاهم والحوار.

* *

وعلى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب أن يضغطوا على إسرائيل للتوجه إلى طاولة الحوار، لا دعمها بالسلاح لتحكم قبضتها على كل فلسطين، وتحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه التي أقرَّتها الشرعية الدولية، وبينها إقامة دولته الفلسطينية وفق التقسيم عام 1948م وما أكدته القرارات بعد حرب عام 1967م وبينها القرار 242 والقرار 338 لوضع نهاية لأطول حرب في التاريخ، وآخر استعمار في الكون.