فيصل سليمان أبومزيد
يشكل الكذب ركيزة أساسية في منهجية جماعة الإخوان، فهو ليس سلوكاً عرضياً، بل استراتيجية متجذرة في بنية التنظيم منذ نشأته في بدايات القرن الماضي. نتفق على أن جماعة الإخوان منذ ثلاثينيات القرن الماضي تتعمد ترويج روايات متغيرة لتبرير مواقفها وإخفاء أجندتها الحقيقية.
فتجدها تتلاعب بالحقائق لإعادة صياغة الواقع بما يخدم مصالحها المشبوهة، وتتخذ للوصول إلى ذلك أشكالاً متعددة؛ بيانات متناقضة، تصريحات إعلامية مزدوجة، وحملات دعائية موجهة. فهي تدرك أن الغموض أو الخداع يمنحها قوة ويجعل من الصعب على المراقبين كشف الحقائق. فأصبحت أداة لتعزيز سيطرة قيادة الإخوان على التنظيم داخلياً، وإيجاد الانضباط بين أعضائه، بحيث يصبح الكذب ممارسة منتظمة ومطلوبة.
حملاتهم ضد الإمارات نموذج واضح، يسعون فيه لتشويه صورة الدولة الأكثر متابعة واحترافية لأنشطتهم الهدامة عالمياً. نشر الجماعة للأكاذيب حول سياسات ومواقف الإمارات مجرد عنوان حديث، لكن التحليل التاريخي لحملات الإفك الإخوانية يكشف ممارساتها المتكررة. يستخدمون تزييف الحقائق كأداة لخلق أعداء وهميين، قبل أن تتصاعد الحملات الإعلامية المصممة لتضليل الرأي العام العربي والغربي على حد سواء، مستغلين قنوات التواصل الاجتماعي ومنصات إعلامية معروفة.
تصنع الجماعة روايات ملفقة تحاول فرضها على المتلقي ليصبح متشككاً ومربكاً، وتسعى للترويج لأخبار غير موثوقة، واختلاق قصص تروّج لمواقفها السياسية، وذلك لخلق حالة من الالتباس في الشارع العربي، والحصول على دعم معنوي ومالي من جهات خارجية تتأثر بالرواية الملفقة، فالكذب الممنهج هو أسلوب للتكيف مع البيئة السياسية. سواء في مصر أو في حملاتهم خارجها.
يسعى الإخوان لصناعة روايات موازية للواقع تستهدف التحكم في الانطباع العام، هذا النهج لا يترك مجالاً للخطأ، فكل بيان وكل رواية تُبنى بعناية لتوجيه الرسالة التي تخدم أهدافهم بعيدة المدى. تحليل تأثير هذه الحملات على الشارع العربي يكشف أن الجماعة تستغل حالات الجهل والتشويش الإعلامي في تضليل من يعتقد أن خطابها المسموم حقيقي، وتستهدف أيضاً زعزعة الثقة بين الدول التي تعاديها ومجتمعاتهم، مستغلة الانطباعات المغلوطة لتحقيق مكاسب سياسية، أو على الأقل خلق توترات رمزية.
الكذب الإخواني يُظهر درجة عالية من التنظيم والدقة، حيث تُنسق الحملات عبر منصات مختلفة لتشكيل سردية مستمرة ومتماسكة رغم أن جميع أحداثها ملفقة أو مبالغ فيها، ثم تعمد على إعادة تدوير الأكاذيب القديمة ومزجها مع أحداث حالية وإضافة عناصر مشوقة لإقناع المتابع بأن الرواية التي تقدمها هي الحقيقة الوحيدة. الوعي بهذه الحقائق يمنح القارئ القدرة على تحليل الحملات الإخوانية ضد الإمارات بطريقة موضوعية، بعيداً عن الانفعال العاطفي.
كل مبالغة أو اختلاق قصة يجب أن يُفهم في سياق تاريخ الجماعة الطويل مع التضليل، الذي يمتد من مصر إلى المنطقة العربية، وصولاً إلى استراتيجياتها الدولية، حيث الكذب أصبح سلاحاً فاعلاً في مواجهة أي خصم سياسي أو اقتصادي.
فالإمارات تمثل اختباراً واضحاً لكيفية توظيف الأكاذيب في الحملات السياسية، وكيف يمكن للجماعة أن تستغل التوتر والإعلام الحديث لترويج رواياتها المزيفة، بينما الواقع الحقيقي يفضح أساليب الجماعة، كما في حالة الإمارات بأياديها البيضاء إقليمياً ودولياً.














التعليقات