شدد مسؤول في البيت الأبيض على أن ما يفعله رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد يحول النظام بسوريا عدواً لإسرائيل، في إشارة إلى عمليات التوغل والانتهاكات. جاء هذا بعدما أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رضا بلاده بالكامل بالنسبة للنتائج التي تحققت، بفضل العمل الجاد والعزيمة لدى الرئيس الجديد أحمد الشرع، في سوريا. وأضاف على منصته "تروث سوشيال" أن الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها لضمان استمرار الحكومة السورية في القيام بما هو مقصود، وهو أمر جوهري، من أجل بناء دولة حقيقية ومزدهرة. واضح الإصرار الأميركي حيال النظام الجديد في سوريا، وهذا ما يتقاطع حتماً مع الإرادة الخليجية التي أقدمت على فتح باب الاستثمارات في سوريا من أجل نهضتها. ليس هذا وحسب، بل ذهبت بعيداً في مطالبة الإدارة الأميركية بضرورة رفع العقوبات عن سوريا للسير في طريق بنائها. سوريا القوية، مطلب عربي وغربي وتركي، رغم أن هذا قد لا يلتقي مع المشروع الإيراني ومن يدور في فلكه الذين وجدوا في انهيار النظام وهروب بشار الأسد، قطعاً لطريق الإمدادات على أشكالها، و"نكسة" أصابت المحور في الصميم. لكنّ خطر تشكيل سوريا وإعادة بنائها لا يتوقف عند هاجس اللاعب الإيراني فحسب، بل أيضاً يتعلق بهواجس حكومة نتنياهو، التي تمارس اعتداءاتها في سوريا، في دلالة على أنها تعمل على فرض واقع حال تحت مسمى "منطقة عازلة"، من خلال السعي الى ضمّ الجنوب السوري إلى ما عرّفه نتنياهو بخارطة "إسرائيل الكبرى". لكن اللافت أنه رغم طموح نتنياهو إلا أن لجمه من إدارة ترامب دلالة على أهمية سوريا ضمن أهداف واشنطن في المنطقة، لهذا فإن التخلي عنها يبدو مطلباً بعيد المنال. الاهتمام الأميركي بسوريا، لا يقلّ أهمية عن ذلك الاهتمام بنجاح خطة ترامب في قطاع غزة، هي التي من أجلها حضر قمة شرم الشيخ في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ليعلن وقف الحرب والسير في جولات خطته. نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين أميركيين، أن الرئيس الأميركي يعتزم إعلان الانتقال إلى المرحلة الثانية من عملية السلام في غزة قبل نهاية العام. رغم الإشكاليات التي رافقت الجولة الأولى، من اعتداءات إسرائيلية أدت لارتكاب مزيد من المجازر، إلا أن ذلك لم يثن من عزيمة واشنطن على تطبيق الخطة بالكامل. إذ إن فرض الهدنة في غزة مؤشر على قطع الطريق الأميركية- العربية، على نتنياهو بالذهاب بعيداً في ما خصّ إنهاء القضية الفلسطينية وحلّ الدولتين. لا يستطيع الأميركي التماهي كثيراً مع أحلام نتنياهو بشأن قطاع غزة، بعدما واجهت إدارته معارضة عربية ودولية واسعة في شأن الترحيل القصري، وبعد معاناة واشنطن في الدفاع دولياً عن نتنياهو في شأن ارتكاب جيشه المجازر بحق الفلسطينيين. هذا الأمر دفع إدارته إلى "الهرولة" نحو فرض الهدنة وإلزام الإسرائيلي بها، لتأمين حد أدنى من الاستقرار لتعبيد الطريق نحو تطبيق مراحل الخطة، ووضع اليد على ثروات القطاع على البحر الأبيض المتوسط في سبيل تعبيد خطّ الطاقة إلى العمق الأوروبي. في سوريا كما في غزة، إرادة أميركية متقاطعة مع إصرار خليجي على إنهاء الصراع والسير نحو تسويات تنهي حالة الحرب الدائمة، إلا أنّ الواقع في لبنان مغاير وخصوصاً أن المعادلة مختلفة، وهي ترتبط بحصرية السلاح الذي أقرته الحكومة اللبنانية في 5 و 7 آب/ أغسطس الماضي، واستكملته في قرار "تطعيم" الوفد المفاوض بمدني هو السفير السابق في الولايات المتحدة، سيمون كرم. "حصرية السلاح" لبدء الانسحاب الإسرائيلي وإطلاق الأسرى وإعادة الإعمار، ستترافق مع فرض واقع حدودي جديد يتمثل في إنشاء منطقة "ترامب الاقتصادية". هنا تكمن الإشكالية في لبنان والتي تزداد تعقيداً مع إعلان الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، التمسك بالسلاح رافضاً أي حديث عن هذا، خلال كلمة له في المهرجان الذي أقامه الحزب تعظيماً لشهدائه على طريق القدس. الواقع اللبناني رغم تعقيداته، إلا أنّه بين المطرقة الإسرائيلية المرتبطة بوتيرة التهديد والتصعيد لمسؤوليها بحرب تدميرية، وسندان الدخول في نفق الحرب الداخلية في ظلّ انقسام عمودي واضح في الرؤية لأي لبنان نريد بين مكوناته، وخصوصاً بعد كلمة رئيس "القوات اللبنانية" العالية السقف إزاء السلاح. كما في عام 1984، تحديداً بعد تنصل لبنان من اتفاق 17 أيار / مايو برعاية أميركية عندما ترك لمصيره، كذلك هي حال هذا البلد، إن أقدم على التغريد خارج سرب التسويات التي تفرضها إدارة ترامب، هذا ما يثير التساؤل حول أي حرب ستكون على لبنان مع بداية عام 2026، هل الحرب الأهلية أم الإسرائيلية، ما دام لبنان هو الحلقة الأضعف في خطة ترامب؟ -المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
- آخر تحديث :















التعليقات